للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَلَاثًا، كلُّ غَسْلَةٍ بالماءِ والسِّدْرِ، على ما وَصَفْنَا، ويُجْعَلَ في الماءِ كافُورٌ في الغَسْلَةِ الثَّالِثَةِ؛ لِيَشُدَّهُ ويُبَرِّدَهُ ويُطَيِّبَهُ؛ لِقَوْلِ رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِلنِّسَاءِ اللَّاتِى غَسَّلْنَ ابْنَتَه: "اغْسِلْنَها بالسِّدْرِ وِتْرًا ثَلَاثًا، أو خَمْسًا، أو أكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إن رَأَيْتُنَّ، وَاجْعَلْنَ في الغَسْلَةِ الأَخِيرَةِ كَافُورًا" (٢). وفي حَدِيثِ أُمِّ سُلَيْمٍ: "فَإذَا كَانَ في آخِرِ غَسْلَةٍ مِنَ الثَّالِثَةِ أوْ غَيْرِها، فَاجْعَلِى ماءً فِيهِ شَيْءٌ مِنْ كَافُورٍ، وشَىْءٌ مِنْ سِدْرٍ، ثم اجْعَلِى ذَلِكَ في جَرَّةٍ جَدِيدَةٍ، ثُمَّ أَفْرِغِيهِ عَلَيْهَا، وَابْدَئِى بِرَأْسِها حتى يَبْلُغَ رِجْلَيْها" (٣). ولا يُجْعَلُ في الماءِ سِدْرٌ صَحِيحٌ؛ لأنَّه لا فائدةَ فيه، لأنَّ السِّدْرَ إنَّما أُمِرَ به للتَّنْظِيفِ، والمُعَدُّ لِلتَّنْظِيفِ إنَّما هو المَطْحُونُ، ولهذا لا يَسْتَعْمِلُه المُغْتَسِلُ به من الأحْياءِ إلَّا كذلك. قال أبو دَاوُدَ: قلتُ لأحمدَ: إنَّهم يَأْتُونَ بِسَبْعِ وَرَقَاتٍ من سِدْرٍ، فيُلْقُونَها في الماءِ في الغَسْلَةِ الأَخِيرَةِ. فأنَكَر ذلك، ولم يُعْجِبْهُ. وإذا فَرَغَ من الغَسْلَةِ الثَّالِثَةِ لم يُمِرَّ يَدَه على بَطْنِ المَيِّتِ، لِئَلَّا يَخْرُجَ منه شيءٌ، ويَقَعَ في أكْفَانِه. قال أحمدُ: ويُوَضَّأُ المَيِّتُ مَرَّةً واحِدَةً في الغَسْلَةِ الأُولَى. وما سَمِعْنَا إلَّا أنَّه يُوَضَّأُ أوَّلَ مَرِّةٍ، وهذا واللهُ أعلمُ، ما لم يَخْرُجْ منه شيءٌ، ومتى خَرَجَ منه شيءٌ أعادَ وُضُوءَهُ؛ لأنَّ ذلك يَنْقُضُ الوُضُوءَ من الحَىِّ ويُوجِبُهُ، وإن رَأَى الغَاسِلُ أن يَزِيدَ على ثَلَاثٍ؛ لِكَوْنِه لم يُنَقَّ بها، أو غير ذلك، غَسَلَه خَمْسًا أو سَبْعًا، ولم يَقْطَعْ إلَّا على وِتْرٍ. قال أحمدُ: ولا يُزَادُ على سَبْعٍ. والأصلُ في هذا قولُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اغْسِلْنَها ثَلَاثًا، أو خَمْسًا، أو سَبْعًا" (٤). لم يَزِدْ على ذلك وجَعَلَ جَمِيعَ ما أمَرَ به وِتْرًا. وقال أيضًا: "اغْسِلْنَها وِتْرًا" (٤). وإنْ لم يُنَقَّ بِسَبْعٍ فالْأَوْلَى غَسْلُه حتى يُنَقَّى، ولا يَقْطَعُ إلَّا على وَتْرٍ؛ لقولِه -صلى اللَّه عليه وسلم- (٤): "اغْسِلْنَها ثَلَاثًا أو خَمْسًا أو سَبْعًا،


(٢) تقدم تخريجه من حديث أم عطية في صفحة ٣٧٥.
(٣) تقدم تخريجه في صفحة ٣٧٣.
(٤) تقدم من حديث أم عطية في صفحة ٣٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>