للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحْوالِ النَّهْىِ الكرَاهةُ، [ولأنهم لا يتوَرَّعُونَ عن النجاسةِ، ولا تَسْلَمُ آنيتُهم من أطْعِمَتِهم، وأدْنَى ما يُؤَثِّرُ ذلك الكَراهةُ، ] (٢٣) وأمَّا ثِيابُهم فما لم يسْتعملُوه، أو عَلَا منها؛ كالعمامةِ والطَّيْلَسان (٢٤) والثَّوبِ الفَوْقانىِّ، فهو طاهرٌ، لا بأسَ بلُبْسِه، وما لاقَى عَوْراتِهم؛ كالسَّراويلِ والثوبِ السُّفْلانِىِّ والإِزَار، فقال أحمد: أحَبُّ إلىَّ أن يُعِيدَ. يعني: مَنْ صَلَّى فيه. فيَحْتَمِلُ وَجْهَين: أحدهما، وجوبُ الإِعادةِ. وهو قولُ القاضي. وكَرِهَ أبو حنيفة، والشافعيُّ، الإِزارَ (٢٥) والسَّراويلات؛ لأنهم يتعبَّدون (٢٦) بتَرْكِ النَّجاسة، ولا يتحَرَّزُونَ منها، فالظاهُر نجاسةُ ما وَلِىَ مَخْرَجَها. والثانى، لا يَجبُ. وهو قولُ أبى الخَطَّاب؛ لأن الأصْلَ الطهارةُ، فلا تزولُ بالشَّكِّ.

الضرب الثانى، غيرُ أهلِ الكتاب، وهم الْمَجُوسُ، وعَبَدَةُ الأوْثان، ونحوُهم، فحكمُ ثيابِهم حكمُ ثيابِ أهلِ الذِّمَّة، وأمَّا أوانِيهم، فقال القاضي: لا يُسْتَعْمَلُ ما اسْتعملُوه مِن آنيتهِم، لأنَّ أوَانِيَهم لا تخلُو مِن أطْعِمَتِهم، وذبائحهُم مَيْتةٌ، فلا تخلُو أوانِيهم من وَضْعِها فيها.

وقال أبو الخطَّاب: حُكْمُهم حكمُ أهلِ الكتاب، وثِيَابُهم وأوَانِيهم طاهرةٌ، مُباحةُ الاسْتعمالِ، ما لم يَتَيقَّنْ نَجاستَها. وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-


= الكتاب، من كتاب الأطعمة. سنن أبي داود ٢/ ٣٢٧. والترمذي، في: باب ما جاء ما يؤكل من صيد الكلب وما لا يؤكل، من أبواب الصيد، وفى: باب ما جاء في الانتفاع بآنية المشركين، من أبواب السير، وفى: باب ما جاء في آنية الكفار، من أبواب الأطعمة. عارضة الأحوذى ٦/ ٥٥٢، ٧/ ٥١، ٢٩٩. وابن ماجه، في: باب صيد الكلب، من كتاب الصيد. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٦٩، ١٠٧٠. والدارمى، في: باب الشرب في آنية المشركين، من كتاب السير، سنن الدارمي ٢/ ٢٣٣، ٢٣٤. والإِمام أحمد، في: المسند ٢/ ١٨٤، ٤/ ١٩٣، ١٩٥.
(٢٣) سقط من: الأصل.
(٢٤) الطيلسان؛ مثلثة اللام: كساء، معرب.
(٢٥) في م: "الأزر".
(٢٦) كذا ورد بالنسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>