للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُصَدِّقُ، وهو السَّاعِى، أحَدَ هذه الثلاثةِ، إلَّا أن يَرَى ذلك، بأن يكونَ جَمِيعُ النِّصَابِ من جِنْسِه، فيكونُ له أن يَأْخُذَ من جِنْسِ المالِ، فيأْخُذُ هَرِمَةً، وهى الكَبِيرَةُ من الهَرِمَاتِ، وذَاتَ عُوَارٍ من أَمْثَالِها، وَتَيْسًا من التُّيُوسِ. وقال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ: إن رَأى المُصَدِّقُ أنَّ أخْذَ هذه الثَّلاثةِ خَيْرٌ له، وأنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ، فله أخْذُهُ؛ لِظَاهِرِ الاسْتِثْنَاءِ. ولا يَخْتَلِفُ المذهبُ أنَّه ليس له أخْذُ الذَّكَرِ فى شىءٍ من الزكاةِ، إذا كان فى النِّصَابِ إنَاثٌ، فى غيرِ أتْبِعَةِ البَقَرِ وابنِ اللَّبُونِ، بَدَلًا عن بِنْتِ مَخَاضٍ إذا عَدِمَها. وقال أبو حنيفةَ: يجوزُ إخْرَاجُ الذَّكَرِ من الغَنَمِ الإناثِ؛ لِقَوْلِه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "فى أرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ" (٧). ولَفْظُ الشَّاةِ يَقَعُ على الذَّكَرِ والأُنْثَى، ولأنَّ الشَّاةَ إذا أُمِرَ بها مُطْلَقًا، أجْزَأَ فيها الذَّكَرُ، كالأُضْحِيَةِ والهَدْىِ. ولنَا، أنَّه حيوانٌ تَجِبُ الزكاةُ فى عَيْنِه، فكانتِ الأُنُوثَةُ (٨) مُعْتَبَرَةً فى فَرْضِه، كالإِبِلِ، والمُطْلَقُ يَتَقَيَّدُ بالقِيَاسِ على سائِرِ النُّصُبِ، والأُضْحِيَةُ غير مُعْتَبَرَةٍ بالمالِ، بِخِلافِ مَسْأَلَتِنا. فإن قيل: فما فائِدَةُ [تَخْصِيصِ التَّيْسِ] (٩) بالنَّهْىِ إذًا؟ قُلْنا: لأنَّه لا يُوْخَذُ عن الذُّكُورِ أيضًا، فلو مَلَكَ أرْبَعِينَ ذَكَرًا، وفيها تَيْسٌ مُعَدٌّ لِلضِّرَابِ، لم يَجُزْ أَخْذُهُ؛ إمَّا لِفَضِيلَتِه، فإنَّه لا يُعَدُّ لِلضِّرابِ إلَّا أفْضَلُ الغَنَمِ وأعْظَمُها، وإمَّا [لِدَناءتِه وفَسادِ] (١٠) لَحْمِهِ. ويجوزُ أن يُمْنَعَ مِن أخْذِه لِلْمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا. وإن كان النِّصَابُ كُلُّهُ ذُكُورًا، جازَ إخْرَاجُ الذَّكَرِ فى الغَنَمِ وَجْهًا وَاحِدًا، وفى البَقَرِ فى أصَحّ الوجْهَيْنِ، وفى الإبِلِ وَجْهانِ. والفَرْقُ بين النُّصُبِ الثَّلَاثَة، أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَصَّ على الأُنْثَى فى فَرَائِض الإِبِلِ والبَقَرِ، وأَطْلَقَ الشَّاةَ الوَاجِبَةَ، وقال فى الإِبِلِ: "مَنْ لَمْ يَجِدْ بِنْتَ


(٧) أخرجه أبو داود، فى: باب فى زكاة السائمة، من كتاب الزكاة. سنن أبي داود ١/ ٣٦٠. والترمذى، فى: باب ما جاء فى زكاة الإبل والغنم، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذى ٣/ ١٠٨. وابن ماجه، فى: باب صدقة الغنم، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه ١/ ٥٧٧، ٥٧٨. والإمام أحمد، فى: المسند ٣/ ٣٥.
(٨) فى الأصل: "الأنوثية".
(٩) فى الأصل: "التخصيص بالتيس".
(١٠) فى ا، م: "لذاته لفساد".

<<  <  ج: ص:  >  >>