للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَبَتْ عليه حِقَّتَانِ وعندَه ابْنَتَا لَبُونٍ صَحِيحَتَانِ، خُيِّرَ بين إخْرَاجِهِما مع الجُبْرَانِ، وبين شِرَاءِ حِقَّتَيْنِ صَحِيحَتَيْنِ على قَدْرِ قِيمَةِ المالِ. وإن كان عِنْدَهُ جَذَعَتَانِ صَحِيحَتانِ، فله إخْرَاجُهما مع أخْذِ الجُبْرَانِ. وإن كانت عليه حِقَّتَانِ ونِصْفُ مَالِه صَحِيحٌ ونِصْفُهُ مَرِيضٌ، فقال ابْنُ عَقِيلٍ: له إخْرَاجُ حِقَّةٍ صَحِيحَةٍ، وحِقَّةٍ مَرِيضَةٍ؛ لأنَّ النِّصْفَ الذى يَجِبُ فيه إحْدَى الحِقَّتَيْنِ مَرِيضٌ كُلُّهُ. والصَّحِيحُ فى المذهبِ خِلَافُ هذا؛ لأنَّ فى مَالِه صَحِيحًا ومَرِيضًا، فلم يَمْلِكْ إخْرَاجَ مَرِيضَةٍ، كما لو كان نِصَابًا وَاحِدًا، ولم يتعَيَّنِ (١٩) النِّصْفُ الذى وَجَبَتْ فيه الحِقَّةُ فى المِرَاضِ، وكذلك لو كان لِشَرِيكَيْنِ، لم يَتَعَيَّنْ حَقُّ أَحَدِهما فى المِرَاضِ دُونَ الآخَرِ. وإن كان النِّصَابُ مِرَاضًا كلُّه، فالصَّحِيحُ فى المذهبِ جَوَازُ إخْرَاجِ الفَرْضِ منه، ويَكُونُ وَسَطًا فى القِيمَةِ، [ولا اعْتبار] (٢٠) بقِلَّةِ العَيْبِ وكَثْرَتِه؛ لأنَّ القِيمَةَ تَأْتِى على ذلك. وهو قَوْلُ الشَّافِعِىِّ، وأبى يوسفَ، ومحمدٍ. وقال مَالِكٌ: إن كانتْ كُلُّهَا جَرْبَاءَ أخْرَجَ جَرْبَاءَ، وإن كانت كُلُّها هَتْمَاءَ كُلِّفَ شِرَاءَ صَحِيحَةٍ. وقال أبو بكرٍ: لا تُجْزِئُ إلَّا صَحِيحَةٌ؛ لأنَّ أحمدَ، قال: لا يُؤْخَذُ إلَّا ما يجوزُ فى الأضاحِى، ولِلنَّهْىِ عن أَخْذِ ذَاتِ العُوَارِ، فعَلى هذا يُكَلَّفُ شِرَاءَ صَحِيحَةٍ بِقَدْرِ قِيمَةِ المَرِيضَةِ. ولَنا، قَوْلُ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إيَّاكَ وكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ" (٢١) وقال: "إنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَسْأَلْكُمْ خَيْرَهُ، ولم يَأْمُرْكُمْ بِشَرِّهِ". رَوَاه أبو دَاوُدَ (٢٢)، ولأنَّ مَبْنَى الزَّكاةِ على المُواساةِ، وتَكْلِيفُ الصَّحِيحَةِ عن المِرَاضِ إخْلَالٌ بِالمُوَاساةِ، ولهذا يَأْخُذُ من الرَّدِىءِ مِن الحُبُوبِ والثِّمَارِ من جِنْسِه، ويأْخُذُ من اللِّئَامِ والهِزَالِ من المَوَاشِى من جِنْسِه، كذا هاهُنا. وقد ذَكَرْنَا


(١٩) فى م: "يتغير".
(٢٠) فى م: "والاعتبار".
(٢١) تقدم تخريجه فى ١/ ٢٧٥، وانظر حاشية صفحة ٥ المتقدمة.
(٢٢) فى: باب فى زكاة السائمة، من كتاب الزكاة. سنن أبى داود ١/ ٣٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>