للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّكاةُ، وهو فَقِيرٌ، ويكونُ له أرْبَعُونَ شَاةً، وتكونُ له الضَّيْعَةُ لا تَكْفِيهِ، فيُعْطَى من الصَّدَقَةِ؟ قال: نعم. وذَكَرَ قَولَ عمرَ: أعْطُوهُمْ، وإن رَاحَتْ عليهم من الإِبِلِ كذا وكذا (٢٤). قلتُ: فهذا (٢٥) قَدْرٌ من العَدَدِ أو الوَقْتِ؟ قال: لم أسْمَعْهُ. وقال، في رِوَايَةِ محمدِ بن الحَكَمِ: إذا كان له عَقَارٌ يَسْتَغِلُّه (٢٦) أو ضَيْعَةٌ تُسَاوِي عَشرَةَ آلافٍ أو أَقَلَّ أو أَكْثَرَ لا تُقِيمُه، يَأْخُذُ مِن الزكاةِ. وهذا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وقال أصْحابُ الرَّأْيِ: ليس له أن يَأْخُذَ منها إذا مَلَكَ نِصابًا زَكائِيًّا؛ لأنَّه تَجِبُ عليه الزكاةُ، فلم تَجِبْ له؛ لِلْخَبَرِ. ولَنا، أَنَّه لا يَمْلِكُ ما يُغْنِيهِ، ولا يَقْدِرُ على كَسْبِ ما يَكْفِيهِ، فجازَ له الأخْذُ من الزكاةِ، كما لو كان ما يمْلِكُه (٢٧) لا تَجِبُ فيه الزكاةُ، ولأنَّ الفَقْرَ عِبَارَةٌ عن الحاجَةِ، قال اللهُ تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} (٢٨). أي: المُحْتَاجُونَ إليه. وقال الشَّاعِرُ:

فيَا رَبِّ إنِّي مُؤمِنٌ بِكَ عَابِدٌ ... مُقِرٌّ بِزَلَّاتِي إلَيْكَ فَقِيرُ

وقال آخَرُ:

*وإنِّي إِلَى مَعْرُوفِهَا لَفَقِيرُ* (٢٩)

وهذا مُحْتاجٌ، فيكونُ فَقِيرًا غيرَ غَنِيٍّ، ولأنَّه لو كان ما يَمْلِكُهُ لا زكاةَ فيه لَكَانَ فَقِيرًا، ولا فَرْقَ في دَفْعِ الحَاجَةِ بين المَالَيْنِ، وقد سَمَّى اللهُ تعالى الَّذِين لهم سَفِينَةٌ


(٢٤) أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب من قال ترد الصدقة في الفقراء إذا أخذت من الأغنياء، من كتاب. الزكاة المصنف ٣/ ٢٠٥.
(٢٥) كذا في النسخ.
(٢٦) في م: "يشغله".
(٢٧) في أ، ب، م: "يملك".
(٢٨) سورة فاطر ١٥.
(٢٩) عجز بيت للأحوص، صدره:
*لقد منَعَتْ معروفَها أُمُّ جعفرٍ*
شعر الأحوص الأنصاري ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>