للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنُ جُبَيْرٍ، والحسنُ، والنَّخَعِيُّ، وعَطَاءٌ، وإليه ذَهَبَ الثَّوْرِيُّ، وأبو عُبَيْدٍ وأصْحابُ الرَّأْيِ. وَرُوِيَ عن النَّخَعِيِّ أنَّه قال: إن كان المالُ كَثِيرًا يَحْتَمِلُ الأصْنافَ، قَسَمَهُ عليهم، وإن كان قَلِيلًا، جازَ وَضْعُهُ في صِنْفٍ وَاحِدٍ. وقال مَالِكٌ: يَتَحرَّى مَوْضِعَ الحاجَةِ منهم، ويُقَدِّمُ الأَوْلَى فالأوْلَى. وقال عِكْرِمَةُ، والشَّافِعِيُّ: يَجِبُ أن يَقْسِمَ زكاةَ كُلِّ صِنْفٍ مِن مالِه، على المَوْجُودين (٢) من الأصْنَافِ السِّتَّةِ الَّذِينَ سُهْمَانُهم (٣) ثَابِتةٌ، قِسْمَةً على السَّوَاءِ، ثم حِصَّةَ كلّ صِنْفٍ منهم، لا تُصْرَفُ إلى أَقَلَّ من ثَلَاثَةٍ منهم، إن (٤) وَجَدَ منهم ثلاثةً أو أكثَرَ، فإن لم يَجِدْ إلَّا وَاحِدًا، صَرَفَ حِصَّةَ ذلك الصِّنْفِ إليه. ورَوَى الأثْرَمُ عن أحمدَ كذلك. وهو اخْتِيَارُ أبي بكرٍ، لأنَّ اللَّه تعالى جَعَلَ الصَّدَقَةَ لِجَمِيعِهم، وشَرَّك بينهم فيها، فلا يجوزُ الاقْتِصَارُ على بَعْضِهم كأهْلِ الخُمْسِ. ولَنا، قولُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمُعَاذٍ: "أعْلِمْهُمْ أنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً، تُؤْخَذُ من أَغْنِيَائِهِم، فَتُرَدُّ في فُقَرَائِهِمْ" (٥). فأخْبَرَ أنَّه مَأْمُورٌ بِرَدِّ جُمْلَتِها في الفُقَرَاءِ، وهم صِنْفٌ وَاحِدٌ، ولم يَذْكُرْ سِوَاهم، ثم أَتَاهُ بعد ذلك مَالٌ، فجَعَلَهُ في صِنْفٍ ثَانٍ سِوَى الفُقَرَاءِ، وهم المُؤَلَّفَةُ؛ الأقْرَعُ بنُ حَابِسٍ، وعُيَيْنَةُ بن حِصْنٍ، وعَلْقَمَةُ بن عُلَاثَةَ، وزَيْدُ الخَيْلِ، قَسَمَ فيهم الذُّهَيْبَةَ (٦) التي بَعَثَ بها إليه عليٌّ من اليَمَنِ (٧). وإنَّما يُؤْخَذُ


(٢) في أ، ب، م: "الموجود".
(٣) في م: "سهامهم".
(٤) في م: "وإن".
(٥) تقدم تخريجه في صفحة ٥.
(٦) تصغير الذهب.
(٧) أخرجه البخاري، في: باب قول اللَّه تعالى: {وإلى عاد أخاهم هودا. . .}، من كتاب الأنبياء، وفي: باب بعث علي بن أبي طالب. . .، من كتاب المغازى، وفي: باب قول اللَّه تعالى: {تعرج الملائكة والروح إليه}، من كتاب التوحيد. صحيح البخاري ٤/ ١٦٦، ١٦٧، ٥/ ٢٠٧، ٩/ ١٥٥. ومسلم، في: باب ذكر الخوارج وصفاتهم، من كتاب الزكاة. صحيح مسلم ٢/ ٧٤١، ٧٤٢. وأبو داود، في: باب في قتال الخوارج، من كتاب السُّنة. سنن أبي داود ٢/ ٥٤٣، ٥٤٤. والنسائي، في: باب المؤلفة قلوبهم، من كتاب الزكاة. وفي: باب من شهر سيفه ثم وضعه في الناس، من كتاب التحريم. المجتبى ٥/ ٦٥، ٦٦، ٧/ ١٠٨، ١٠٩. والإمام أحمد، في: المسند ٣/ ٦٨، ٧٢، ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>