للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (١١). وفائِدَةُ الخِلَافِ أنَّه لو تَصَرَّفَ في الثَّمَرَةِ أو الحَبِّ قَبْلَ الوُجُوبِ، لا شىءَ عليه؛ لأنَّه تَصَرَّفَ فيه قبلَ الوُجُوبِ، فأشْبَهَ ما لو أكَلَ السَّائِمَةَ أو بَاعَها قبلَ الحَوْلِ، وإن تَصَرَّفَ فيها بعدَ الوُجُوبِ لم تَسْقُط الزكاةُ عنه، كما لو فَعَلَ ذلك في السَّائِمَةِ، ولا يَسْتَقِرُّ الوُجُوبُ على كِلَا القَوْلَيْنِ حتى تَصِيرَ الثَّمَرَةُ في الجَرِينِ (١٢)، والزَّرْعُ في البَيْدَرِ، ولو تَلِفَ قبلَ ذلك بغيرِ إتْلَافِه أو تَفْرِيطٍ منه فيه، فلا زَكَاةَ عليه. قال أحمدُ: إذا خُرِصَ وتُرِكَ في رُءُوسِ النَّخْلِ، فعليهم حِفْظُهُ، فإن أصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَذَهَبَتِ الثَّمَرَةُ، سَقَطَ عنهم الخَرْصُ، ولم يُؤْخَذُوا به. ولا نَعْلَمُ في هذا خِلَافًا. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ، على أنَّ الخَارِصَ إذا خَرَصَ الثَّمَرَةَ (١٣)، ثم أصَابَتْهُ جَائِحَةٌ، فلا شىءَ عليه إذا كان قبلَ الجَذَاذِ، ولأنَّه قبلَ الجَذَاذِ في حُكْمِ ما لا تَثْبُتُ اليَدُ عليه، بِدَلِيلِ أنَّه لو اشْتَرَى ثَمَرَةً فَتَلِفَتْ بجَائِحَةٍ، رَجَعَ بها على البَائِعِ، وإن تَلِفَ بعضُ الثَّمَرَةِ، فقال القاضي: إنْ كان البَاقِي نِصَابًا ففيه الزكاةُ، وإلَّا فَلَا. وهذا القولُ يُوَافِقُ قَوْلَ مَن قال: لا تَجِبُ الزكاةُ فيه إلَّا يَوْمَ حَصَادِهِ؛ لأنَّ وُجُوبَ النِّصابِ شَرْطٌ في الوُجُوبِ، فمتى لم يُوجَدْ وَقْتَ الوُجُوبِ لم يَجِبْ. وأمَّا مَن قال: إنَّ الوُجُوبَ يَثْبُتُ (١٤) إذا بَدَا الصَّلَاحُ واشْتَدَّ الحَبُّ، فقِياسُ قولِه: إن تَلِفَ البَعْضُ. إن كان قبلَ الوُجُوبِ، فهو كما قال القاضي، وإن كان بعدَه، وَجَبَ في البَاقِي بِقَدْرِهِ، سَوَاءٌ كان نِصابًا أو لم يَكُن نِصَابًا؛ لأنَّ الْمُسْقِطَ اخْتَصَّ بالبَعْضِ، فاخْتَصَّ السُّقُوطُ به، كما لو تَلِفَ بعضُ نِصابِ السَّائِمَةِ


(١١) سورة الأنعام ١٤١.
(١٢) في أ، ب، م: "الجريب".
(١٣) في الأصل: "الثمر".
(١٤) في أ، م: "ثبت".

<<  <  ج: ص:  >  >>