للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّحابَةِ في مَسْأَلَةٍ، ولا إلى نَقْلِ قَوْلِ العَشَرَةِ، ولا يُوجَدُ الإِجْماعُ إلَّا القولَ المُنْتَشِرَ. فإن قيل: فقد خَالَفَهُ ابْنُ مسعودٍ بما ذَكَرْنَاهُ عنه. قُلْنا: لا نُسَلِّمُ المُخَالَفَةَ. وقَوْلُهُم: اشْتَرَى. قلنا: المُرَادُ به: اكْتَرَى. كذلك قال أبو عُبَيْدٍ (٥٤). والدَّلِيلُ عليه قَوْلُه: على أن يَكْفِيَهُ جِزْيَتَها. ولا يكونُ مُشْتَرِيًا لها وجِزْيَتُها على غَيْرِه. وقد رَوَى عنه القاسمُ (٥٥) أنَّه قال: مَن أقَرَّ بالطَّسْقِ (٥٦) فقد أقَرَّ بالصَّغارِ والذُّلِّ (٥٧). وهذا يَدُلُّ على أن الشِّراءَ هاهُنا الاكْتِرَاءُ. وكذلك كلُّ مَن رُوِيَتْ عنه الرُّخْصَةُ في الشِّراءِ فمَحْمُولٌ على ذلك. وقَوْلُه: فَكَيْفَ بمَالٍ بِرَاذَانَ. فليس فيه ذِكْرُ الشِّراءِ، [ولا أنَّ] (٥٨) المَالَ أرْضٌ، فيَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ مَالًا من السَّائِمَةِ أو التِّجَارَةِ أو الزَّرْعِ أو غيرِه، ويَحْتَمِلُ أنَّه أرْضٌ اكْتَرَاها، ويَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ بذلك غَيْرَه، وقد يَعِيبُ الإِنْسانُ الفِعْلَ المَعِيبَ مِن غيرِه. جوابٌ ثانٍ، أنَّه تناوَلَ (٥٩) الشِّراءَ، وبَقِىَ قَوْلُ عمرَ في النَّهْىِ عن البَيْعِ غيرَ مُعَارَضٍ، وأمَّا المَعْنَى فِلأنَّها مَوْقُوفَةٌ، فلم يَجُزْ بَيْعُها، كسائِرِ الأحْبَاسِ والوُقُوفِ، والدَّلِيلُ على وَقْفِها النَّقْلُ والمَعْنَى؛ أمَّا النَّقْلُ، فما نُقِلَ من الأخْبَارِ، أنَّ (٦٠) عمرَ لم يَقْسِمِ الأرْضَ التى افْتَتَحَها، وتَرَكَها لِتكونَ مَادَّةً لأجْنادِ المُسْلِمِينَ الذِين يُقَاتِلُونَ في سَبِيلِ اللهِ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ، وقد نَقَلْنَا بَعْضَ ذلك، وهو مَشْهُورٌ تُغْنِى شُهْرَتُه عن نَقْلِه. وأمَّا المَعْنَى، فلِأنَّها لو قُسِمَتْ لَكانتْ للذين افْتَتَحُوها، ثم لِوَرَثَتِهم، أو لمن انْتَقَلَتْ إليه عنهم، ولم تَكُنْ مُشْتَرَكَةً بين المُسْلِمِينَ، ولأنَّها لو قُسِمَتْ [لَنُقِلَ ذلك] (٦١)، ولم تَخْفَ


(٥٤) في: الأموال ٧٨.
(٥٥) أى ابن عبد الرحمن.
(٥٦) الطسق: ما يوضع من الخراج على الجربان.
(٥٧) الأموال ٧٨.
(٥٨) في أ، ب، م: "ولأن".
(٥٩) في أ، م: "يتناول".
(٦٠) في الأصل: "وأن".
(٦١) سقط من: أ، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>