للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْصُلُ بإخْراجِ غيرِ الواجِبِ من الحِكْمَةِ ما يَحْصُلُ [من إخْراجِ] (١٧) الواجِبِ، وهاهُنا المَقْصُودُ حَاصِلٌ، فوَجَبَ إجْزاؤُه، إذ لا فائِدَةَ [في اخْتصاصِ] (١٨) الإِجْزاءِ بِعَيْنٍ، مع مُسَاوَاةِ غيْرِها لها في الحِكْمَةِ، وكونِ ذلك أرْفَقَ بالمُعْطِى والآخِذِ، وأنْفَعَ لهما، ويَنْدَفِعُ به الضَّرَرُ عنهما، فإنَّه لو تَعَيَّنَ إخْراجُ زَكَاةِ الدَّنانِيرِ منها، شَقَّ على من يَمْلِكُ أقَلَّ من أرْبَعِينَ دِينارًا إخْرَاجُ جُزْءٍ من دِينارٍ، ويَحْتَاجُ إلى التَّشْقِيصِ، ومُشَارَكَةِ الفَقِيرِ له في دِينارٍ من مَالِه، أو بَيْعِ أحَدِهما نَصِيبَه، [فَيَسْتَضِرُّ المالِكُ والفَقِيرُ] (١٩)، وإذا جازَ إخْرَاجُ الدَّرَاهِم عنها، دَفَعَ إلى الفَقِيرِ من الدَّرَاهِم بِقَدْرِ الواجِبِ، فيَسْهُلُ ذلك عليه، ويَنْتَفِعُ الفَقِيرُ من غَيْرِ كُلْفَةٍ ولا ضَرَرٍ (٢٠). ولأنَّه إذا دَفَعَ إلى الفَقِيرِ قِطْعَةً من الذَّهَبِ فى مَوْضِعٍ لا يُتعامَلُ بها فيه، أو قِطْعَةً من دِرْهَمٍ في مكانٍ لا يُتعامَلُ بها فيه، لم يَقْدِرْ على قَضاءِ حاجَتِه بها، وإن أرَادَ بَيْعَها بجِنْسِ (٢١) ما يُتَعَامَلُ بها احْتَاجَ إلى كُلْفَةِ البَيْعِ، وربَّما لا يَقْدِرُ عليه، ولا يُفِيدُه شَيْئًا، وإن أمْكَنَ بَيْعُها احْتَاجَ إلى كُلْفَةِ البَيْعِ، والظَّاهِرُ أنَّها تَنْقُصُ عِوَضُها عن قِيمَتِها، فقد دارَ بين ضَرَرَيْنِ، وفى جَوازِ إخْراجِ أحَدِهما عن الآخرِ نَفْعٌ مَحْضٌ، ودَفْعٌ لهذا الضَّرَرِ، وتَحْصِيلٌ لِحِكْمَةِ الزكاةِ على التَّمامِ والكمالِ، فلا [حاجَةَ ولا] (٢٢) وَجْهَ لِمَنْعِهِ، وإن تُوُهِّمَتْ هاهنا مَنْفَعَةٌ تَفُوتُ بذلك، فهى يَسِيرَة مَغْمُورَة، فيما يَحْصُلُ من النَّفْعِ الظَّاهِرِ، ويَنْدَفِعُ من الضَّرَرِ والمَشَقَّةِ من الجَانِبَيْنِ، فلا يُعْتَبَرُ. واللهُ أعلمُ. وعلى هذا لا يجوزُ الإِبدالُ في مَوْضِعٍ يَلْحَقُ الفَقِيرَ ضَرَرٌ، مثل أن يَدْفَعَ إليه ما لا يُنْفقُ عِوَضًا عما يُنْفقُ، لأنَّه إذا لم يَجُزْ إخْرَاجُ أحَدِ


(١٧) في م: "بإخراج".
(١٨) في م: "باختصاص".
(١٩) سقط من: ب.
(٢٠) في م: "مضرة".
(٢١) في م: "بحسب".
(٢٢) سقط من: الأصل، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>