للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند المُحاسَبَةِ، ألا تَرَاهُ يقولُ: إن اتَّضَعَ بعد ذلِكَ كانَتِ الوَضِيعَةُ على رَبِّ المالِ. وإنَّما يكونُ هذا بعد القِسْمَةِ. وقال أبو الخَطَّابِ: يُحْتَسَبُ حَوْلُهُ من حِين ظُهُورِ الرِّبْحِ. يَعْنِى إذا كَمَلَ نِصابًا. إلَّا على قَوْلِ من قال: إن الشَّرِكَةَ تُؤَثِّرُ فى غير الماشِيَةِ، قال: ولا يَجِبُ إخْراجُ زَكَاتِه حتَّى يَقْبِضَ المالَ؛ لأنَّ العَامِلَ يَمْلِكُ الرِّبْحَ بِظُهُورِهِ، فإذا مَلَكَهُ جَرَى فى حَوْلِ الزكاةِ، ولأنَّ من أصْلِنَا أنَّ فى المالِ الضَّالِّ والمَغْصُوبِ والدَّيْنِ على مُمَاطِلٍ الزكاةَ، وإن كان رُجُوعُه إلى مِلْكِ (١٦) يدهِ مَظْنُونًا، كذا هاهُنا. ولَنا، أنَّ مِلْكَ المُضارِبِ غيرُ تَامٍّ، لأنَّه بعَرْضِ (١٧) أن يَنْقُصَ قِيمَةَ الأصْلِ أو يَخْسَرَ فيه، وهذا وِقَايةٌ له، ولهذا مُنِعَ من الاخْتِصاصِ به، والتَّصَرُّفِ فيه لِحَقِّ (١٨) نَفْسِه، فلم يَكُنْ فيه زَكَاةٌ، كَمالِ المُكاتَبِ، يُؤكِّدُ هذا أَنَّه لو كان مِلْكًا تَامًّا لاخْتَصَّ بِرِبْحِهِ، فلو كان رَأْسُ المالِ عَشَرَةً فاتَّجَرَ فيه فرَبِحَ عِشْرِينَ، ثمَّ اتَّجَرَ فرَبِحَ ثَلَاثِينَ، لَكانتِ الخَمْسُونَ التى رَبِحَهَا بينهما نِصْفَيْنِ، ولو (١٩) تَمَّ مِلْكُه بمُجَرَّدِ ظُهُورِ الرِّبْحِ، لمَلَك من العِشْرِينَ الأُولَى عَشَرَةً، واخْتَصَّ بِرِبْحِها، وهى عَشَرَةٌ من الثَّلَاثِينَ، وكانتِ العِشْرُونَ الباقِيَةُ بينهما نِصْفَيْنِ، فيَمْلِكُ المُضارِبُ ثلاثِينَ، ولِرَبِّ المالِ ثلاثُونَ، كما لو اقْتَسَمَا العِشْرِينَ ثمَّ خَلَطَاها. وفَارَقَ المَغْصُوبَ والضَّالَّ، فإنَّ المِلْكَ فيه ثَابِتٌ تَامٌّ إنَّما حِيلَ بينَه وبينَه، بخِلاف مَسْألَتِنا. ومن أوْجَبَ الزكاةَ على المُضَارِبِ، فإنَّما يُوجِبُها عليه إذا حالَ الحَوْلُ مِن حِينِ تَبْلُغُ حِصَّتُهُ نِصابًا بِمُفْرَدِهَا أو بِضَمِّها إلى ما عندَه مِن جِنْسِ المالِ، أو من الأثْمانِ، إلَّا على الرِّوَايَةِ التى تَقُولُ إنَّ لِلشَّرِكَةِ تَأْثِيرًا فى غيرِ السَّائِمَةِ. وليس عليه إخْرَاجُها قبل القِسْمَةِ، كالدَّيْنِ لا يَجِبُ الإِخْراجُ منه قبلَ قَبْضِه. وإن أرَادَ


(١٦) سقط من: الأصل، ب.
(١٧) كذا، ولعل صوابه: "يعرض".
(١٨) فى م: "بحق".
(١٩) فى الأصل زيادة: "لم".

<<  <  ج: ص:  >  >>