للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّرَاهِمِ، أو كانت بالعَكْسِ، مثل أن يكونَ عليه مائتَانِ وخَمْسُونَ دِرْهَمًا، وله من الإِبِلِ خَمْسٌ أو أَكْثَرُ تُسَاوِى الدَّيْنَ، أو تَفْضُلُ عليه، جَعَلْنَا الدَّيْنَ فى مُقابَلَةِ الإِبِلِ هاهُنا، وفى مُقابَلَةِ الدَّراهِمِ فى الصُّورَةِ الأُولَى؛ لأنَّ له من المالِ ما يَقْضِى به الدَّيْنَ سِوَى النِّصابِ. وكذلك لو كان عليه مائةُ دِرْهَمٍ، وله مائتَا دِرْهَمٍ وتِسْعٌ من الإِبِلِ، فإذا جَعَلْنَاهَا فى مُقابَلَةِ الإِبِلِ لم يَنْقُصْ نِصَابُها، لِكَوْنِ الأرْبَعِ الزَّائِدَةِ عنه تُسَاوِى المائةَ أَكْثَرَ منها، وإن جَعَلْنَاهُ فى مُقابَلَةِ الدَّرَاهِمِ سَقَطَتِ الزكاةُ منها، فجَعَلْناها (١٩) فى مُقَابَلَةِ الإِبِلِ، كما ذَكَرْنَا فى التى قَبْلَها، ولأنَّ ذلك أحَظُّ لِلْفُقَرَاءِ. وذَكَرَ القاضِى نحوَ هذا، فإنَّه (٢٠) قال: إذا كان النِّصَابَانِ زَكَوِيَّيْنِ، جَعَلْتَ الدَّيْنَ فى مُقابَلَةِ ما الحَظُّ لِلْمَسَاكِينِ فى جَعْلِه فى مُقَابَلَتِه، وإن كان من غيرِ جِنْسِ الدَّيْنِ. فإن كان أحَدُ المالَيْنِ لا زَكَاةَ فيه، والآخَرُ فيه الزكاةُ، كرَجُلٍ عليه مائتَا دِرْهَمٍ، وله مائتَا دِرْهَمٍ، وعُرُوضٌ لِلقُنْيَةِ تُسَاوِى مائتَيْنِ، فقال القاضى: يَجْعَلُ الدَّيْنَ فى مُقَابَلَةِ العُرُوضِ. وهذا مذهبُ مالِكٍ، وأبى عُبَيْدٍ. قال أصْحَابُ الشَّافِعِىِّ: وهو مُقْتَضَى قَوْلِه؛ لأنَّه مَالِكٌ لمائتَيْنِ زَائِدَة عن مَبْلَغِ دَيْنِه، فَوَجَبَتْ عليه زَكَاتُها، كما لو كان جَمِيعُ مَالِهِ جِنْسًا وَاحِدًا. وظاهِرُ كلامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ، أنَّه يجْعَلُ الدَّيْنَ فى مُقابَلَةِ ما يَقْضِى منه، فإنَّه قال فى رَجُلٍ عِنْدَهُ أَلْفٌ وعليه ألْفٌ وله عُرُوضٌ بِألْفٍ: إن كانتِ العُرُوضُ لِلتِّجارَةِ زَكَّاهَا، وإن كانَتْ لغيرِ التِّجارَةِ فليس عليه شىءٌ. وهذا مذهبُ أبي حنيفةَ. ويُحْكَى عن اللَّيْثِ بن سَعْدٍ؛ لأنَّ الدَّيْنَ يُقْضَى من جِنْسِه عند التَّشَاحِّ، فجعْلُ الدَّيْنِ فى مُقَابَلَتِه أَوْلَى، كما لو كان النِّصابَانِ زَكَوِيَّيْنِ. ويَحْتَمِلُ أنْ يُحْمَلَ (٢١) كلامُ أحمدَ هاهُنا على ما إذا كان العَرْضُ تَتَعَلَّقُ به حاجَتُه الأصْلِيَّةُ، ولم يَكُنْ فاضِلًا عن حاجَتِه، فلا يَلْزَمُه صَرْفُه فى


(١٩) فى الأصل، ب: "جعلناه".
(٢٠) فى م: "فإن".
(٢١) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>