للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهْلِ الحَدِيثِ، ودَاوُدُ، فى أهْلِ الظَّاهِرِ. وكان أبو هُرَيْرَةَ يقول: لا صَوْمَ له. ويَرْوِى ذلك عن النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثم رَجَعَ عنه (١)، قال سَعِيدُ بن المُسَيَّبِ: رَجَعَ أبو هُرَيْرَةَ عن فُتْيَاهُ. وحُكِىَ عن الحسنِ، وسالِمِ بن عبدِ اللهِ، قالا (٢): يُتِمُّ صَوْمَهُ ويَقْضِى. وعن النَّخَعِىِّ فى رِوَايَةٍ: أنَّه (٣) يَقْضِى فى الفَرْضِ دُونَ التَّطَوُّعِ. وعن عُرْوَةَ، وطاوُسٍ: إن عَلِمَ بِجَنَابَتِه فى رمضانَ، فلم يَغْتَسِلْ حتى أصْبَح، فهو مُفْطِرٌ، وإن لم يَعْلَمْ. فهو صَائِمٌ. وحُجَّتُهم حَدِيثُ أبى هُرَيْرَةَ، الذى رَجَعَ عنه. ولَنا، ما رَوَى أبو بكرِ بن عبدِ الرحمنِ بن الحارِثِ بن هِشامٍ، قال: ذهبتُ أنا وأبى حتى دَخَلْنَا على عائشةَ، فقالتْ: أشْهَدُ على رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنْ كان لَيُصْبِحُ جُنُبًا، مِن جِمَاعٍ، مِن غيرِ احْتِلَامٍ، ثم يَصُومُه. ثم دَخَلْنَا على أُمِّ سَلَمَةَ، فقالتْ مثلَ ذلك، ثم أتَيْنَا أبا هُرَيْرَةَ، فأخْبَرْنَاهُ بذلك، فقال: هما أَعْلَمُ بذلك، إنَّما حَدَّثَنِيهِ الفَضْلُ بنُ عَبَّاسٍ. مُتَّفَقٌ عليه (٤). قال الخَطَّابِىُّ (٥): أحسنُ ما سمعتُ فى خَبَرِ أبى هُرَيْرَةَ أنَّه مَنْسُوخٌ؛ لأنَّ الجِماعَ كان مُحَرَّمًا على الصَّائِمِ بعدَ النَّوْمِ، فلمَّا أبَاحَ اللهُ الجِماعَ إلى طُلُوعِ الفَجْرِ، جازَ لِلْجُنُبِ إذا أصْبَحَ قبلَ أن يَغْتَسِلَ أن يَصُومَ. ورَوَتْ عائشةُ أن رَجُلًا قال لِرسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إنِّى أُصْبِحُ جُنُبًا، وأنا أُرِيدُ الصِّيامَ. فقال رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وَأَنَا أُصْبِحُ جُنُبًا، وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ"، فقال له الرَّجُلُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّك لستَ مِثْلَنَا، قد غَفَرَ اللهُ لك ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ. فغَضِبَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال: "إنِّى لأَرْجُو أنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ للهِ،


(١) انظر: ما ذكره مسلم، فى: باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب، من كتاب الصيام. صحيح مسلم ٢/ ٧٧٩. وابن ماجه، فى: باب ما جاء فى الرجل يصبح جنبا وهو يريد الصيام، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجه ١/ ٥٤٣.
(٢) فى الأصل، م: "قال".
(٣) سقط من: أ، ب، م.
(٤) تقدم تخريجه فى صفحة ٣٥٧.
(٥) فى: معالم السنن ٣/ ١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>