للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعليهما القَضاءُ فحَسْبُ. لا نَعْلَمُ فيه بينَ أهْلِ العِلْمِ اخْتِلافًا؛ لأنَّهما بِمَنْزِلَةِ المَرِيضِ الخائِفِ على نَفْسِه. وإن خَافَتَا على وَلَدَيْهما أفْطَرَتَا، وعليهما القَضاءُ وإطْعَامُ مِسْكِينٍ عن كلِّ يَوْمٍ. وهذا يُرْوَى عن ابْنِ عمرَ. وهو المشهورُ من مذهبِ الشَّافِعِىِّ. وقال اللَّيْثُ: الكَفَّارَةُ على المُرْضِعِ دون الحَامِلِ. وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عن مالِكٍ، لأنَّ المُرْضِعَ يُمْكِنُها أن تَسْتَرْضِعَ لِوَلَدِها، بِخِلافِ الحامِلِ، ولأنَّ الحَمْلَ مُتَّصِلٌ بالحَامِلِ، فالخَوْفُ عليه كالخَوْفِ على بعضِ أعْضائِها. وقال عَطاءٌ، والزُّهْرِىُّ، والحسنُ، وسَعِيدُ بن جُبَيْرٍ، والنَّخَعِىُّ، وأبو حنيفةَ: لا كَفَّارَةَ عليهما؛ لما رَوَى أَنَسُ بنُ مَالِكٍ هو (١) رَجُلٌ [من بَنِى كَعْبٍ] (٢)، عن النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أنَّه قال: "إنَّ اللهَ وَضَعَ عَنِ المُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ، وعن الحَامِلِ والمُرْضِعِ الصَّوْمَ -أو- الصِّيَامَ" واللهِ لقد قالَهما رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أحَدَهما أو كِلَيْهِما. رَوَاهُ النَّسَائِىُّ، والتِّرْمِذِىُّ (٣). وقال: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ. ولم يَأْمُرْ (٤) بِكَفَّارَةٍ، ولأنَّه فِطْرٌ أُبِيحَ لِعُذْرٍ، فلم يَجِبْ به كَفَّارَةٌ، كالفِطْرِ لِلْمَرَضِ (٥). ولَنا، قولُ اللهِ تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} (٦). وهما دَاخِلَتَانِ فى عُمُومِ الآية. قال ابنُ عَبَّاسٍ: كانتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِ الكَبِيرِ، والمَرْأةِ الكَبِيرَةِ، وهما يُطِيقانِ الصيامَ، أن يُفْطِرَا، ويُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، والحُبْلَى والمُرْضِعُ إذا خافَتَا على أوْلَادِهِما، أفْطَرَتَا، وأَطْعَمَتَا. رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (٧). وَرُوِىَ ذلك عن ابنِ عمرَ، ولا مُخَالِفَ لهما فى (٨) الصَّحابَةِ.


(١) سقط من: أ، ب، م.
(٢) فى سنن الترمذى: "من بنى عبد اللَّه بن كعب".
(٣) تقدم تخريجه فى ٣/ ١١٩.
(٤) فى ب، م: "يأمره".
(٥) فى الأصل: "للمريض".
(٦) سورة البقرة ١٨٤.
(٧) فى: باب من قال هى مثبتة للشيخ والحبلى، من كتاب الصوم. سنن أبى داود ١/ ٥٤١.
(٨) فى ازيادة: "عصر".

<<  <  ج: ص:  >  >>