للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عائشةَ، فى حديثٍ: وأنَّ السُّنَّةَ لِلْمُعْتَكِفِ أن لا يَخْرُجَ إلَّا لِحاجَةِ الإِنْسَانِ، ولا اعْتِكَافَ إِلَّا فى مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ. فذَهَبَ أبو عبدِ اللهِ إلى أن كُلَّ مَسْجِدٍ تُقامُ فيه الجماعةُ يجوزُ الاعْتِكافُ فيه، ولا يجوزُ فى غيرِه. ورُوِىَ عن حُذَيْفَةَ، وعائشةَ، والزُّهْرِىِّ، ما يَدُلُّ على هذا. واعْتَكَفَ أبو قِلَابَةَ وسَعِيدُ بن جُبَيْرٍ فى مَسْجِدِ حَيِّهِما. ورُوِىَ عن عائشةَ، والزُّهْرِىِّ، أنَّه لا يَصِحُّ إلَّا فى مَساجِدِ الجماعاتِ. وهو قولُ الشَّافِعِىِّ، إذا كان اعْتِكَافُه يَتَخَلَّلُه جُمُعَةٌ، لئَلَّا يَلْتَزِمَ الخُرُوجَ من مُعْتَكَفِه، لما يُمْكِنُه التَّحَرُّزُ من الخُرُوجِ إليه. ورُوِىَ عن حُذَيْفَةَ، وسعِيدِ بن المُسَيَّبِ: لا يجوزُ الاعْتِكافُ إلَّا فى مَسْجِدِ نَبِىٍّ. وحُكِىَ عن حُذَيْفَةَ، أنَّ الاعْتِكافَ لا يَصِحُّ إلَّا فى أحَدِ المَساجِدِ الثَّلاثةِ، قال سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ، عن إبراهيمَ، قال: دَخَلَ حُذَيْفَةُ مَسْجِدَ الكُوفَةِ، فإذا هو بِأبْنِيَةٍ مَضْرُوبَةٍ، فسألَ عنها. فقِيلَ: قَوْمٌ مُعْتَكِفُونَ. فانْطَلَقَ إلى ابنِ مسعودٍ، فقال: ألا تَعْجَبُ من قَوْمٍ يَزْعُمُونَ أنَّهم مُعْتَكِفُونَ بين دَارِكَ ودَارِ الأشْعَرِىِّ؟ فقال عبدُ اللهِ: فلعلَّهم أصابُوا وأخْطَأْتَ، وحَفِظُوا ونَسِيتَ. فقال حُذَيْفَةُ: لقد عَلِمْتُ ما الاعْتِكافُ إلَّا فى ثلاثةِ مَساجِدَ: المَسْجِدِ الحَرامِ، والمَسْجِدِ الأقْصَى، ومَسْجِدِ رسولِ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (٥). وقال مالِكٌ: يَصِحُّ الاعْتِكافُ فى كُلِّ مَسْجِدٍ، لِعُمُومِ قَوْلِه تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فى الْمَسَاجِدِ} (٦). وهو قولُ الشَّافِعِىِّ إذا لم يَكُنِ اعْتِكافُه يَتَخَلَّلُه جُمُعَةٌ. ولَنا، قَوْلُ عائشةَ: من (٧) السُّنَّةِ لِلْمُعْتَكِفِ، أن لا يَخْرُجَ إلَّا لحاجَةِ الإِنْسَانِ، ولا اعْتِكَافَ إلَّا فى مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ. وقد قِيلَ: إنَّ هذا من قَوْلِ الزُّهْرِيِّ. وهو


(٥) أخرجه عبد الرزاق، فى: باب لا جوار إلَّا فى مسجد جماعة، من كتاب الاعتكاف، المصنِّف ٤/ ٣٤٧، ٣٤٨. وابن أبى شَيْبَة، فى: باب من قال لا اعتكاف إلَّا فى مسجد يجمع فيه، من كتاب الصيام. المصنف ٣/ ٩١.
(٦) سورة البقرة ١٨٧.
(٧) فى ب: "فى".

<<  <  ج: ص:  >  >>