للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرُوِىَ عنه: ليس له فِعْلُه. وهو قَوْلُ عَطاءٍ، وعُرْوَةَ، ومُجاهِدٍ، والزُّهْرِيِّ، ومالِكٍ، والشَّافِعِىِّ، وأصْحَابِ الرَّأْىِ. ورَوَى عنه الأَثْرَمُ، ومحمدُ بن الحَكَمِ، أنَّ له أن يَعُودَ المَرِيضَ، ويَشْهَدَ الجِنازَةَ، ويَعُودَ إلى مُعْتَكَفِهِ. وهو قولُ عليٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه. وبه قال سَعِيدُ بن جُبَيْرٍ، والنَّخَعِىُّ، والحسنُ؛ لما رَوَى عاصِمُ بن ضَمْرَةَ، عن عليٍّ قال: إذا اعْتَكَفَ الرَّجُلُ فَلْيَشْهَدِ الجمعةَ، ولْيَعُدِ المَرِيضَ، ولْيَحْضُرِ الجِنازَةَ، ولْيَأَتِ أَهْلَهُ، وليَأْمُرْهم بالْحَاجَةِ وهو قَائِمٌ. رَوَاهُ الإِمامُ أحمدُ، والأثْرَمُ. وقال أحمدُ: عاصِمُ بن ضَمْرَةَ عندى حُجَّةٌ. قال أحمدُ: يَشْهَدُ الجِنازَةَ، ويَعُودُ المَرِيضَ، ولا يَجْلِسُ، ويَقْضِى الحاجَةَ، ويَعُودُ إلى مُعْتَكَفِهِ. وَجْهُ الأَوَّلِ، ما رُوِىَ عن عائشةَ، رَضِىَ اللهُ عنها، قالت: كان رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا اعْتَكَفَ لا يَدْخُلُ البَيْتَ إلَّا لِحاجَةِ الإنْسانِ. مُتَّفَقٌ عليه (١). وعنها، رَضِىَ اللهُ عنها، أنَّها قالتْ: السُّنَّةُ على المُعْتَكِفِ أن لا يَعُودَ مَرِيضًا، ولا يَشْهَدَ جِنَازَةً، ولا يَمَسَّ امْرَأةً، ولا يُبَاشِرَها، ولا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ إلَّا لما لا بُدَّ منه. وعنها. قالتْ: كان النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمُرُّ بِالمَرِيضِ وهو مُعْتَكِفٌ، فَيَمُرُّ كما هو، فلا يُعَرِّجُ يسْأَلُ عنه. رَوَاهُما (٢) أبو دَاوُدَ (٣). ولأنَّ هذا ليس بِوَاجِبٍ، فلا يجوزُ تَرْكُ الاعْتِكافِ الوَاجِبِ من أجْلِه، كالمَشْىِ مع أخِيهِ فى حاجَةٍ لِيَقْضِيَها له. وإن تَعَيَّنَتْ عليه صلاةُ الجِنازَةِ، وأمْكَنَه فِعْلُها فى المسجدِ، لم يَجُزِ الخُرُوجُ إليها. وإنْ لم يُمْكِنْه ذلك، فله الخُرُوجُ إليها. وإنْ تَعَيَّنَ عليه دَفْنُ المَيِّتِ، أو تَغْسِيلُه، جازَ أن يَخْرُجَ له؛ لأنَّ هذا وَاجِبٌ مُتَعَيِّنٌ، فيُقَدَّمُ على الاعْتِكافِ، كصلاةِ الجمعةِ، فأمَّا إنْ كان الاعْتِكافُ تَطَوُّعًا، وأحَبَّ الخُرُوجَ منه لِعِيادَةِ مَرِيضٍ، أو شُهُودِ جِنازَةٍ، جازَ؛ لأنَّ كُلَّ


(١) تقدَّم تخريجه فى صفحة ٤٦٦.
(٢) فى الأصل، أ، ب: "رواهن". والأول متفق عليه كما مر.
(٣) الأوَّل تقدَّم تخريجه فى صفحة ٤٦٦، والثاني أخرجه أبو داود، فى: باب المعتكف يعود المريض، من كتاب الصِّيام. سنن أبي داود ١/ ٥٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>