للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والطَّوَافِ ومَسِّ المُصْحَفِ، أو ينَوِىَ (١١) رَفْعَ الحَدَثِ، ومعناه إزالةُ المانِع مِن (١٢) كلِّ فِعْلٍ يَفْتَقِرُ إلَى الطَّهارةِ. وهذا قَوْلُ مَنْ وَافَقَنا في (١٣) اشْتِراطِ النِّيَّة، لا نَعْلَمُ بينهم فيه خِلافًا (١٤). فإنْ نَوَى بالطَّهارَةِ ما لا تُشْرَعُ له الطَّهَارَةُ؛ كالتَّبَرُّدِ والأَكْلِ والبَيْعِ والنِّكَاحِ ونَحْوِه، ولَمْ يَنْوِ الطَّهَارةَ الشَّرْعِيَّة، لم يَرْتَفِعْ حَدَثُه؛ لأنه لم يَنْوِ الطَّهارةَ، ولا ما يَتَضَمَّنُ نِيَّتَها، فلم يَحْصُلْ له شيءٌ (١٥)، كالذى لم يَقْصِد شَيْئًا. وإن نَوَى تَجْدِيدَ الطَّهارةِ، فَتَبَيَّنَ أنه كان مُحْدِثًا، فَهَلْ تَصِحُّ طَهارَتُه؟ عَلَى رِوَايَتَيْن: إحْدَاهُمَا تَصِحُّ؛ لأنَّه نَوَى طَهَارةً شَرْعِيَّةً، فيَنْبَغِى أن يَحْصُلَ له ما نَوَاهُ، وللخَبَرِ (١٦)، وقِياسًا عَلَى ما لَوْ نَوَى رَفْعَ الحَدَثِ. والثانية لا تَصِحُّ طَهَارَتُه؛ لأنَّه لم يَنْوِ رَفْعَ الحَدَث ولا ما تَضَمَّنَهُ، أَشْبَهَ ما لو (١٧) نَوَى التَّبَرُّدَ. وإن نَوَى ما تُشْرَعُ له الطَّهارةُ ولا تُشْتَرَطُ، كَقِراءةِ القُرْآنِ والأذَانِ والنَّوْمِ، فَهلْ يَرْتَفِعُ حَدَثُه؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَصْلُهُما، إذا نَوَى تَجْدِيدَ الوُضُوءِ وهو مُحْدِثٌ والأَوْلَى صِحَّةُ طَهَارَتهِ؛ لأنَّه نَوَى شَيْئًا من ضَرُورتِهِ (١٨) صِحَّةُ الطَّهَارةِ، وهو الفَضِيلَةُ الحاصِلَةُ لِمَنْ فَعَل ذلك وهو عَلَى طَهَارةٍ، فَصَحَّتْ طَهارَتُه، كما لَوْ نَوَى بها ما لَا يُبَاحُ إلَّا بها، ولأنَّه نَوَى طَهارةً شَرْعِيَّةً، فصَحَّتْ للخَبَرِ.

فإنْ قِيلَ: يَبْطُلُ هذا بمَا لَوْ نَوَى بطَهَارَتِه ما لا تُشْرَعُ له الطَّهارةُ. قُلْنَا: إنْ نَوَى طَهارةً شَرْعِيَّةً، مِثْل إنْ قَصَدَ أنْ يَأْكُلَ وهو مُتَطَهِّرٌ [طَهَارةً شَرْعِيَّةً] (١٩)، أو قَصَدَ أن لا يَزَالَ عَلَى وُضُوء، فهو كَمَسْألَتِنَا، وتَصِحُّ طَهَارَتُه. وإن قَصَد بذلك نَظافةَ


(١١) في م: "وينوى".
(١٢) في م: "بين".
(١٣) في م: "على".
(١٤) في م: "اختلافا".
(١٥) سقط من: الأصل.
(١٦) سقطت الواو من: م.
(١٧) في م: "لم".
(١٨) في م: "ضرورة".
(١٩) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>