للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاثةِ أضْرُبٍ؛ أحدُها، مَن يَدْخُلُها لِقِتَالٍ مُباحٍ، أو من خَوْفٍ، أو لِحاجَةٍ مُتَكَرِّرَةٍ، كالحَشَّاشِ، والحَطَّابِ، ونَاقِلِ المِيرَةِ (٧)، والفَيْجِ (٨)، ومَن كانت له ضَيْعَةٌ يَتَكَرَّرُ دُخُولُه وخُرُوجُه (٩) إليها، فهؤلاء لا إحْرامَ عليهم؛ لأنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ يَوْمَ الفَتْحِ مَكَّةَ حَلَالًا وعلى رَأْسِه المِغْفَرُ، وكذلك أصْحابُه، ولم نَعْلَمْ أحَدًا منهم أحْرَمَ يَوْمَئِذٍ، ولو أوْجَبْنَا الإِحْرامَ على كلِّ مَن يَتَكَرَّرُ دُخُولُه، أفْضَى إلى أن يكونَ جَمِيعَ زَمَانِه مُحْرِمًا، فسَقَطَ لِلْحَرَجِ. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يجوزُ لأحَدٍ دُخُولُ الحَرَمِ بغيرِ إحْرَامٍ، إلَّا مَن كان دُونَ المِيقَاتِ؛ لأنَّه يُجَاوِزُ المِيقاتَ مُرِيدًا لِلْحَرَمِ، فلم يَجُزْ بغيرِ إحْرَامٍ كغيرِه. ولَنا، ما ذَكَرْنَاهُ، وقد رَوَى التِّرْمِذِىُّ (١٠)، أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ يَوْمَ الفَتْحِ مَكَّةَ وعلى رَأْسِه عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ. وقال: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. ومتى أرَادَ هذا النُّسُكَ بعد مُجَاوَزَةِ المِيقَاتِ أحْرَمَ من مَوْضِعِه كالقِسْمِ الذي قَبْلَه، وفيه من الخِلافِ ما فيه. النوع الثاني: مَن لا يُكَلَّفُ الحَجَّ كالعَبْدِ، والصَّبِيِّ، والكافِرِ إذا أَسْلَمَ بعد مُجاوَزَةِ المِيقَاتِ، أو عَتَقَ العَبْدُ، وبَلَغَ الصَّبِىُّ، وأرادُوا الإِحْرامَ، فإنَّهم يُحْرِمُونَ من مَوْضِعِهم، ولا دَمَ عليهم. وبهذا قال عَطاءٌ، ومَالِكٌ، والثَّوْرِيُّ، والأوْزَاعِىُّ، وإسحاقُ، وهو قولُ أصْحابِ الرَّأْىِ في الكافِرِ يُسْلِمُ (١١)، والصَّبِىِّ يَبْلُغُ، وقالوا في العَبْدِ: عليه دَمٌ.


(٧) الميرة: الطعام يجمع للسفر ونحوه.
(٨) الفيج: هو رسول السلطان يسعى بالكتب، وقيل: الذي يحمل الأخبار من بلدٍ إلى بلدٍ، فارسى معرب.
(٩) سقط من: الأصل.
(١٠) في: باب ما جاء في الألوية، من أبواب الجهاد، وفي: باب ما جاء في العمامة السوداء، من أبواب اللباس. عارضة الأحوذى ٧/ ١٧٧، ٢٤٣.
كما أخرجه مسلم، في: باب جواز دخول مكة بغير إحرام، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٩٩٠. وأبو داود، في: باب في العمائم، من كتاب اللباس. سنن أبي داود ٢/ ٣٧٦. والنسائى، في: باب دخول مكة بغير إحرام، من كتاب المناسك، وفى: باب لبس العمائم السود، من كتاب الزينة. المجتبى ٥/ ١٥٩، ٨/ ١٨٦. وابن ماجه، في: باب لبس العمائم في الحرب، من كتاب الجهاد، وفي: باب العمامة السوداء، من كتاب اللباس. سنن ابن ماجه ٢/ ٩٤٢، ١١٨٦. والإمام أحمد، في: المسند ٣/ ٣٦٣، ٣٨٧.
(١١) من هنا إلى آخر قوله: "يسلم" الآتي سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>