للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَهَابِ نَفَقَةٍ، بَعَثَ بِهَدْىٍ، إنْ كَانَ مَعَهُ، لِيَذْبَحَهُ بمَكَّةَ، وَكَانَ عَلَى إحْرَامِهِ حَتَّى يَقْدِرَ عَلَى البَيْتِ)

المَشْهُورُ فى المذهبِ أنَّ مَن يَتَعَذَّر عليه الوُصُولُ إلى البَيْتِ لِغيرِ (١) حَصْرِ العَدُوِّ، من مَرَضٍ، أو عَرَجٍ (٢)، أو ذَهَابِ نفَقَةٍ، ونحوِه، أنَّه لا يجوزُ له التَّحَلُّلُ بذلك. رُوِىَ ذلك عن ابنِ عمرَ، وابنِ عَبَّاسٍ، ومَرْوَانَ. وبه قال مَالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ. وعن أحمدَ، رِوَايَةٌ أُخْرَى: له التَّحَلُّلُ بذلك. رُوِىَ نحوُه عن ابنِ مسعودٍ، وهو قولُ عَطَاءٍ، والنَّخَعِىِّ، والثَّوْرِىِّ، وأصْحابِ الرَّأىِ، وأبى ثَوْرٍ؛ لأنَّ النبىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "مَن كُسِرَ، أو عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ، وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى". رَوَاهُ النَّسَائِىُّ (٣). ولأنَّه مُحْصَرٌ يَدْخُلُ فى عُمُومِ قوْلِه تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (٤). يُحَقِّقُه أنّ لَفْظَ الإحْصَارِ إنَّما هو للمَرَضِ ونَحْوِهِ، يقال: أحْصَرَهُ المَرَضُ إحْصارًا، فهو مُحْصَرٌ، وحَصَرَهُ العَدُوُّ، حَصْرًا، فهو مَحْصُورٌ. فيكونُ اللَّفْظُ صَرِيحًا فى مَحَلِّ النِّزَاعِ، وحَصْرُ العَدُوِّ مَقِيسٌ عليه. ولأنَّه مَصْدُودٌ عن البَيْتِ، أشْبَهَ مَن صَدَّهُ عَدُوٌّ. وَوَجْهُ الأُولَى أنَّه لا يَسْتَفِيدُ بالإحْلالِ الانتقالَ من حَالِهِ، ولا التَّخَلُّصَ من الأذَى الذى به، بخِلَافِ حَصْرِ العَدُوِّ. ولأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ على ضُبَاعَةَ بِنْت الزُّبَيْرِ، فقالتْ: إنِّى أُرِيدُ الحَجَّ، وأنا شَاكِيَةٌ. فقال: "حُجِّى، وَاشْتَرِطِى أنَّ مَحِلِّى


(١) فى أ، ب، م: "بغير".
(٢) فى أ: "لمرض".
(٣) فى: باب فى من أحصِر بعدو، من كتاب المناسك. المجتبى ٥/ ١٥٦، ١٥٧.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب الإحصار، من كتاب المناسك. سنن أبى داود ١/ ٤٣١. والترمذى، فى: باب ما جاء فى الذى ينهل. . .، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى ٤/ ١٦٨. وابن ماجه، فى: باب المحصر، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٢٨. والدارمى، فى: باب فى المحصر بعدو، من كتاب المناسك. سنن الدارمى ٢/ ٦١. والإمام أحمد، فى: المسند ٣/ ٤٥٠.
(٤) سورة البقرة ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>