للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}. وهذا قد فَعَلَ ذلك. ولأنَّ ما جُعِلَ غَايَةً، فَوُجُودُ أَوَّلِه كَافٍ، كَقَوْلِه تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (٣٧). ولأنَّه مُتَمَتِّعٌ أَحْرَمَ بِالحَجِّ من دونِ المِيقَاتِ، فلَزِمَهُ الدَّمُ، كما لو وَقَفَ أو تَحَلَّلَ. وعنه أنَّه يَجِبُ الدم (٣٨) إذا وَقَفَ بِعَرَفَةَ. وهو قَوْلُ مَالِكٍ، واخْتِيارُ القاضى؛ لأنَّ التَّمَتُّعَ بِالعُمْرَةِ إلى (٣٩) الحَجِّ إنَّما يَحْصُلُ بعدَ وُجوُدِ الحَجِّ منه، ولا يَحْصُلُ ذلك إلَّا بِالوُقُوفِ، فإنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "الْحَجُّ عَرَفَةُ" (٤٠). ولأنَّه قبلَ ذلك يَعْرِضُ (٤١). الفَوَاتُ، فلا يَحْصُلُ التَّمَتُّعُ، ولأنَّه لو أحْرَمَ بِالحَجِّ، ثم أُحْصِرَ، أو فَاتَهُ الحَجُّ [لم يَلْزَمْهُ] (٤٢) دَمُ المُتْعَةِ، ولا كان مُتَمَتِّعًا، ولو وَجَبَ الدَّمُ لمَا سَقَطَ. وقال عَطاءٌ: يَجِبُ إذا رَمَى الجمْرَةَ. ونحوُه قَوْلُ أبى الخَطَّابِ، قال: يَجِبُ إذا طَلَعَ الفَجْرُ يومَ النَّحْرِ؛ لأنَّه وَقْتُ ذَبْحِه، فكان وَقْتَ وُجُوبِه. فأمَّا وَقْتُ إخْراجِهِ فيومُ النَّحْرِ. وبه قال مَالِكٌ، وأبو حنيفةَ؛ لأنَّ ما قبلَ يومِ النَّحْرِ لا يجوزُ فيه ذَبْحُ الأُضْحِيَةِ، فلا يجوزُ فيه ذَبْحُ هَدْىِ [التَّمتُّعِ، كقَبْلِ] (٤٣) التَّحَلُّلِ من العُمْرَةِ. وقال أبُو طالِبٍ: سمعتُ أحمدَ، قال فى الرجلِ يَدْخُلُ مَكَّةَ فى شَوَّالٍ ومعه هَدْىٌ. قال: يَنْحَرُ بمَكَّةَ، وإن قَدِمَ قبلَ العَشْرِ نَحَرَهُ، لا يضيعُ أو يموتُ أو يُسْرَقُ. وكذلك قال عَطاءٌ. وإن قَدِمَ فى العَشْرِ، لم يَنْحَرْهُ حتى يَنْحَرَهُ بِمِنًى؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصْحَابَه قَدِمُوا فى العَشْرِ، فلم يَنْحَرُوا [حتى نَحَرُوا] (٤٤) بِمِنًى. ومن جَاءَ قبل ذلك نَحَرَهُ


(٣٧) سورة البقرة ١٨٧.
(٣٨) سقط من: ب، م.
(٣٩) فى ب، م: "فى".
(٤٠) تقدم تخريجه فى صفحة ٢٦٨.
(٤١) فى النسخ: "بعرض".
(٤٢) فى الأصل: "لزمه".
(٤٣) فى أ، ب، م: "المتمتع كمثل".
(٤٤) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>