للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه شىءٌ، أو لَبِسَ خُفًّا، نَزَعَهُ، وليس عليه شىءٌ. وعنه رِوَايَةٌ أُخْرَى، أنَّ عليه الفِدْيَةَ فى كلِّ حَالٍ. وهو مذهبُ مالِكٍ، واللَّيْثِ، والثَّوْرِىِّ، وأبي حنيفةَ؛ لأنَّه هَتَكَ حُرْمَةَ الإِحْرامِ، فاسْتَوَى عَمْدُه وسَهْوُه، كحَلْقِ الشَّعْرِ، وتَقْلِيمِ الأظْفارِ. ولَنا، عُمُومُ قَوْلِه عليه السَّلَامُ: "عُفِىَ لِأُمَّتِى عَنِ الْخَطَأِ، والنِّسْيَانِ، وما اسْتُكْرِهُوا عليه" (٣). ورَوَى يَعْلَى بنُ أُمَيَّةَ، أنَّ رَجُلًا أتَى النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهو بِالجِعْرَانَةِ (٤)، وعليه جُبَّةٌ، وعليه أثَرُ خَلُوقٍ، أو قال: أثَرُ صُفْرَةٍ، فقال: يا رسولَ اللهِ، كيف تَأْمُرُنِى أن أصْنَعَ فى عُمْرَتِى؟ قال: "اخْلَعْ عَنْكَ هذِهِ الجُبَّةَ، واغْسِلْ عَنْكَ أثَرَ هذا (٥) الخَلُوقِ" أو قال: "أثَرَ الصُّفْرَةِ، واصْنَعْ فى عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فى حَجِّكَ". مُتَّفَقٌ عليه (٦). وفى لَفْظٍ، قال: يا رسولَ اللهِ، أحْرَمْتُ بِالعُمْرَةِ، وعَلَىَّ هذه الجُبَّةُ. فلم يَأْمُرْهُ بِالفِدْيَةِ مع مَسْأَلَتِه عمَّا يَصْنَع، وتَأْخِيرُ البَيَانِ عن وَقْتِ الحاجَةِ غيرُ جائِزٍ إجْماعًا، دَلَّ على أنَّه عَذَرَهُ لِجَهْلِه، والجَاهِلُ والنَّاسِى وَاحِدٌ، ولأنَّ الحَجَّ عِبَادَةٌ يَجِبُ بإِفْسَادِها الكَفَّارَةُ، فكان [فى مَحْظُورَاتِه ما] (٧) يُفرَّقُ بين عَمْدِه وسَهْوِهِ، كالصَّوْمِ، فأمَّا الحَلْقُ وقَتْلُ الصَّيْدِ، فهو إتْلَافٌ لا يُمْكِنُ (٨) تَلَافِيهِ، [وفى مسألتنا هو تَرَفُّهٌ، فإذا كان ساهِيًا فلم يَقْصِدْه، ويُمْكِنُ تَلَافِيه] (٩) بِإزَالَتِهِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ النَّاسِىَ مَتَى ذَكَرَ، فعليه غَسْلُ الطِّيبِ وخَلْعُ اللِّبَاسِ فى الحَالِ، فإن أَخَّرَ ذلك عن زَمَنِ الإِمْكانِ، فعليه الفِدْيَةُ. فإن قِيلَ: فلم لا يجوزُ له اسْتِدَامَةُ الطِّيبِ هاهُنا، كالذى يَتَطَيَّبُ قبل


(٣) تقدم تخريجه فى ١/ ١٤٦.
(٤) ماء بين الطائف ومكة، وهى إلى مكة أدني.
(٥) سقط من: الأصل.
(٦) تقدم تخريجه فى صفحة ٢٩٠.
(٧) فى ب، م: "من محظوراته أنه ما".
(٨) فى ت، م زيادة: "رد".
(٩) سقط من: ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>