للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو حنيفةَ. وخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ. واتِّبَاعُ النِّصِّ في قَوْلِه تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} (٣). والآثارِ أوْلَى، ولأنَّ النَّعَامَةَ تُشْبِهُ البَعِيرَ في [خَلْقِه، فكان] (٤) مِثْلًا لها، فتَدْخُلُ في عُمُومِ النّصِّ. وفي الحَمَامِ شَاةٌ. حَكَمَ به عمرُ، وعثمانُ، وابنُ عمرَ، وابنُ عَبّاسٍ، ونافِعُ بن عبدِ (٥) الحارِثِ، في حَمَامِ الحَرَمِ، وبه قال سَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ، وعَطاءٌ، وعُرْوَةُ، وقَتَادَةُ، والشَّافِعِيُّ، وإسحاقُ. وقال أبو حنيفةَ، ومالِكٌ: فيه قِيمَتُه. إلَّا أنَّ مَالِكًا وَافَقَ في حَمَامِ الحَرَمِ [دُونَ الإِحْرامِ؛ لأنَّ القِيَاس يَقْتَضِى القِيمَةَ في كُلِّ الطَّيْر، تَرَكْناه في حَمَامِ الحَرَمِ] (٦) لِحُكْمِ الصَّحَابَةِ، ففيما عدَاهُ يَبْقَى على الأصْلِ. قُلْنا: قد (٧) رُوِىَ عن ابنِ عَبّاسٍ في الحَمَامِ حَالَ الإِحْرَامِ كمَذْهَبِنَا، ولأنَّها حَمَامَةٌ مَضْمُونَةٌ لِحَقِّ اللَّه تعالى، فضُمِنَتْ بِشَاةٍ، كحَمامَةِ الحَرَمِ، ولأنَّها متى كانت الشَّاةُ مِثْلًا لها في الحَرَمِ، فكذلك في الحِلِّ، فيَجِبُ ضَمانُها بها (٨)؛ لِقَوْلِ اللهِ تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}. وقِيَاسُ الحَمامِ على الحَمامِ أوْلَى من قِيَاسِه على غيرِه. وقَوْلُ الخِرَقِىِّ: "ومَا أَشْبَهَها". يَعْنِى ما يُشْبِهُ الحَمامَةَ، في أنَّه يَعُبُّ الماءَ، أى يَضَعُ مِنْقَارَهُ فيه، فيَكْرَعُ كما تَكْرَعُ الشَّاةُ، ولا يَأْخُذُ قَطْرَةً قَطْرَةً، كالدَّجَاجِ، والعَصافِيرِ. وإنَّما أَوْجَبُوا فيه شَاةً لشَبَهِه بها في كَرْعِ الماءِ مِثْلَها، ولا يَشْرَبُ مِثْلَ شُرْبِ (٨) بَقِيَّةِ الطُّيُورِ. قال أحمدُ، في رِوايَةِ ابنِ القاسمِ (٩)، وسِنْدِىٍّ (١٠): كُلُّ طَيْرٍ يَعُبُّ الماءَ، يَشْرَبُ مثلَ


(٣) سورة المائدة ٩٥.
(٤) في أ، ب، م: "خلقته فكانت".
(٥) سقط من: أ، ب، م.
(٦) سقط من: ب، م.
(٧) سقط من: ب، م.
(٨) سقط من: الأصل.
(٩) في أ، ب، م: "أبو القاسم". وتقدمت ترجمة أحمد بن القاسم، صاحب أبي عبيد في: ١/ ١٩٧.
(١٠) في أ، ب، م: "شندى". وتقدمت ترجمته في: ١/ ٣٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>