للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحمدُ. ولَعَلَّ الخِرَقِىَّ تَرَكَ ذِكْرَ القِرَانِ؛ لأنَّه مُتْعَةٌ، واكْتَفَى بِذِكْرِ المُتْعَةِ، لأنَّهما سَوَاءٌ فى المَعْنَى، فإنَّ سَبَبَهما غيرُ مَحْظُورٍ، فأشْبَها هَدْىَ التَّطَوُّعِ. وهذا قَوْلُ أصْحابِ الرَّأْىِ. وعن أحمدَ، أَنَّه لا يَأْكُلُ من المَنْذُورِ (٢) وجَزَاءِ الصَّيْدِ، ويَأْكُلُ ممَّا سِوَاهُما. وهو قَوْلُ ابنِ عمرَ، وعَطاءٍ، والحسنِ، وإسحاقَ؛ لأنَّ جَزاءَ الصَّيْدِ بَدَلٌ، والنَّذْرُ جَعَلَهُ للهِ تعالى بِخِلَافِ غيرِهما. وقال ابنُ أبى موسى: لا يَأْكُلُ أيْضًا من الكَفَّارَةِ، ويَأْكُلُ ممَّا سِوَى هذه الثَّلَاثَةِ. ونَحْوُه مَذْهَبُ مَالِكٍ؛ لأنَّ ما سِوَى ذلك لم يُسَمِّه لِلْمَساكِينِ، ولا مَدْخَلَ لِلإِطْعَامِ فيه، فأشْبَهَ التَّطَوُعَ. وقال الشَّافِعِىُّ: لا يَأْكُلُ من وَاجِبٍ؛ لأنَّه هَدْىٌ وَجَبَ بِالإِحْرامِ، فلم يَجُزِ الأكْلُ منه، كدَمِ الكَفَّارَةِ. ولَنا، أنَّ أزوَاجَ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَمَتَّعْنَ معه فى حِجَّةِ الوَدَاعِ (٣). وأدْخَلَتْ عائشةُ الحَجَّ على العُمْرَةِ، فصارَتْ قارِنَةً (٤)، ثم ذَبَحَ عَنْهُنَّ النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- البَقَرَةَ، فَأكَلْنَ من لُحُومِهَا. قال أحمدُ: قد أكَلَ من البَقَرَةِ أزْوَاجُ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فى حَدِيثِ عائشةَ خَاصَّةً. وقالت عائشةُ: إنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمَرَ مَن لم يَكُنْ معه هَدْىٌ، إذا طافَ بِالْبَيْتِ، أن يَحِلَّ، فدُخِلَ علينا يومَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فقلتُ: ما هذا؟ فقِيل: ذَبَحَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن أزْواجِه (٥). ورَوَى أبو دَاوُدَ، وابنُ مَاجَه (٦)، أنَّ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَبَح عن آلِ مُحَمَّدٍ فى حِجَّةِ الوَدَاعِ بَقَرَةً. وقال ابنُ عمرَ:


(٢) فى أ: "النذر".
(٣) تقدم تخريجه فى صفحة ٨٧.
(٤) تقدم تخريجه فى صفحة ٢٤٢.
(٥) أخرجه البخارى، فى: باب ما يأكل من البدن. . .، من كتاب الحج، وفى: باب الخروج آخر الشهر. . .، من كتاب الجهاد. صحيح البخارى ٢/ ٢١١، ٢١٢، ٤/ ٥٩، ٦٠. ومسلم، فى: باب بيان وجوه الإحرام. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٨٧٦. وابن ماجه، فى: باب فسخ الحج، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ٩٩٢، ٩٩٣. والإمام أحمد، فى: المسند ٦/ ١٩٤، ٢٧٣.
(٦) أخرجه أبو داود، فى: باب فى هدى البقر، من كتاب المناسك. سنن أبى داود ١/ ٤٠٦. وابن ماجه، فى: باب عن كم تجزئ البدنة والبقرة، من كتاب الأضاحى. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>