للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَّاصٍ، وعبدِ الرَّحمنِ بنِ الأسودِ بنِ عبدِ يَغوثَ (١)، وابن مُعَيْقيبٍ الدَّوْسِىِّ (٢)، والحَكَمِ، وحَمَّادٍ، ومالِكٍ، واللَّيْثِ؛ لما رُوِىَ عن مَعْمَرِ بن عبدِ اللهِ، أنَّه أرسلَ غُلامَهُ بصاعِ قَمْحٍ، فقال: بِعْهُ، ثم اشْتَرِ به شَعِيرًا. فذَهَبَ الغُلامُ، فأخَذَ صاعًا وزِيادَةً بَعْضَ صَاعٍ، فلمَّا جاء مَعْمَرًا، أخْبَرَهُ بذلك، فقال له مَعْمَرٌ: لِمَ فَعَلْتَ ذلك؟ انْطَلِقْ فَرُدَّه، ولا تَأْخُذَنْ إلَّا مِثْلًا بمِثْلٍ، فإنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهَى عن بَيْعِ الطَّعَامِ بالطَّعَامِ إلًا مِثْلًا بمِثلٍ، وكان طَعامُنا يَوْمَئِذٍ الشَّعيرَ. قيل: فإنَّه ليس بمثلهِ. قال: إنِّى أخافُ أن يُضارِعَ (٣). أخرجَهُ مُسْلِمٌ (٤). ولأنَّ أحَدَهما يُغَشُّ بالآخَرِ، فكانا. كَنَوْعَىِ الجِنْسِ. ولنا، قولُ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "بِيعُوا البُرَّ بالشَّعِيرِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ" (٥). وفى لَفْظٍ: "لَا بَأْسَ بِبَيْعِ البُرِّ بالشَّعِيرِ، والشَّعِيرُ أكْثَرُهُما، يَدًا بِيَدٍ، وأمَّا نَسِيئَةً فلا" (٦)، وفى لَفْظٍ: "فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هذه الأصْنَافُ فَبِيعُوا كيف شِئْتُمْ" (٦). وهذا صَريحٌ صَحيحٌ، لا يَجوزُ تَرْكُهُ بغيرِ مُعارِضٍ مِثْلِهِ، ولأنَّهما لم يَشْتَركا فى الاسْمِ الخاصِّ، فلم يكونا جِنْسًا واحِدًا، كالتَّمْرِ، والحِنْطَةِ، ولأنَّهما مُسَمَّيانِ فى الأَصْنافِ السِّتَّةِ، فكانا جِنْسَيْنِ، كسائِرِها. وحَديثُ مَعْمَرٍ لا بُدَّ فيه من إضْمارِ الجِنْسِ، بِدَليلِ سائِرِ أجْناسِ الطَّعامِ، ويَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ الطَّعامَ المَعْهودَ عِنْدَهم، وهو الشَّعيرُ، فإنَّه قال فى الخَبَرِ: وكان طعامُنا يَوْمَئِذٍ الشَّعيرَ، ثم لو كان


(١) أبو محمد عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث الزهرى المدنى، ثقة من كبار التابعين. تهذيب التهذيب ٦/ ١٣٩.
(٢) إياس بن الحارث بن معيقيب الدوسى، حجازى ثقة، روى عن جده معيقيب الصحابى، تهذيب التهذيب ١/ ٣٨٧.
(٣) يضارع: يشابه ويشارك.
(٤) تقدم تخريجه فى صفحة ٥٦.
(٥) أخرجه النسائى، فى: باب بيع البر بالبر، وباب بيع الشعير بالشعير، من كتاب البيوع. المجتبى ٧/ ٢٤١، ٢٤٢. وابن ماجه، فى: باب الصرف وما لا يجوز متفاضلا يدا بيد، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٥٧, ٧٥٨.
(٦) تقدم تخريجه فى صفحة ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>