للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حينِ الأَكْلِ، فهو كالتِّينِ. ولأنَّ قِشْرَه يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ أجْزائِه؛ لِلزُومِه إيَّاهُ، وكَوْنِهِ مِن مَصْلَحَتِه. الضَّرْب الرابع، ما يَظْهَرُ في قِشْرَيْنِ، كالجَوْزِ، واللَّوْزِ، فهو للبائِعِ أيضًا بِنَفْسِ الظُّهورِ؛ لأنَّ قِشْرَه لا يَزولُ عنه غالِبًا، إلَّا بعد جِزازِه، فأشْبَهَ الضَّرْبَ الذى قَبْلَه. ولأنَّ قِشْرَ اللَّوْزِ يُؤْكَلُ معه، فأشْبَهَ التِّينَ. وقال القاضى: إن تَشَقَّقَ القِشْرُ الأَعْلَى فهو للبائِعِ، وإن لم يَتَشَقَّقْ فهو لِلْمُشْتَرِى، كالطَّلْعِ. ولو اعتُبِر هذا لم يكُنْ لِلْبَائِعِ إلَّا نَادِرًا، ولا يَصِحُّ قِياسُه على الطَّلْعِ؛ لأنَّ الطَّلْعَ لابدَّ من تَشَقُّقِه، وتَشَقُّقُه من مَصْلَحَتِه، وهذا بِخِلافِه، فإنَّه لا يَتَشَقَّقُ على شَجَرِه، وتَشَقُّقُه قبلَ كَمالِه يُفْسِدُه. الخامس، ما يَظْهَرُ نَوْرُه، ثم يَتَناثَرُ، فتَظْهَرُ الثَّمَرَةُ، كالتُّفَّاحِ، والمِشْمِشِ، والإِجَّاصِ (٣)، والخَوْخِ. فإذا تَفَتَّحَ نَوْرُه، وظَهَرتِ الثَّمَرَةُ فيه، فهى للبائِعِ، وإن لم تَظْهَرْ، فهى لِلْمُشْتَرِى. وقيل: ما تَناثَرَ نَوْرُه، فهو للبائِعِ، وما لا فهو لِلْمُشْتَرِى؛ لأنَّ الثَّمَرَةَ لا تَظْهَرُ حتى يَتَناثَرَ النَّوْرُ. وقال القاضى: يَحْتَمِلُ أن تكونَ للبائِعِ بِظُهورِ نَوْرِه؛ لأنَّ الطَّلْعَ إذا تَشَقَّقَ كان كَنَوْرِ الشَّجَرِ، فإنَّ العُقَدَ التى في جَوْفِ الطَّلْعِ لَيْسَتْ عَيْنَ الثَّمَرَةِ، وإنَّما هى أَوْعِيَةٌ لها، تَكْبُرُ الثَّمَرَةُ في جَوْفِها، وتَظْهَرُ، فتَصِيرُ العُقْدَةُ في طَرَفِها، وهى قِمَعُ الرُّطَبَةِ. وقولُ الخِرَقِيِّ يَقْتَضِى ما قُلْنَاهُ؛ لأنَّه عَلَّقَ اسْتِحْقاقَ البائِعِ لها بكونِ الثَّمَرِ بادِيًا لا يَبْدو نَوْرُه. ولا يَبْدُو الثَّمَرُ حتى يَتَفَتَّحَ (٤) نَوْرُه. وقد يَبْدُو إذا كَبُرَ قبلَ أن يَنْثُرَ النَّوْرَ، فَتَعلَّقَ ذلك بِظُهورِه. والعِنَبُ بمَنْزِلَةِ ما لَهُ نَوْرٌ؛ لأنَّه يَبْدُو في قُطوفِه شَيءٌ صِغارٌ كَحَبِّ الدُّخْنِ، ثم يَتَفَتَّحُ، ويَتَناثَرُ، كتَناثُرِ (٥) النَّوْرِ، فيكونُ من هذا القِسْمِ. واللهُ أعلمُ. وهذا يُفارِقُ الطَّلْعَ؛ لأنَّ الذى في الطَّلْعِ عَيْنُ الثَّمَرَةِ يَنْمُو ويَتَغَيَّرُ، والنَّوْرُ في هذه الثِّمارِ يتَسَاقَطُ، ويَذْهَبُ، وتَظْهَرُ الثَّمَرَةُ. ومذهبُ الشَّافِعِيِّ في هذا الفَصْلِ جَميعِه كما


(٣) الإِجَّاص: الكمثرى أو البرقوق.
(٤) في م: "لا يتفتح".
(٥) في الأصل: "كسائر".

<<  <  ج: ص:  >  >>