للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعِنَبِ الأسْوَدِ، والإِجَاصِ، فَبُدُوُّ صلاحِه بذلك. وإنْ كان العِنَبُ أبْيَضَ، فصلاحُه بِتَمَوُّهِه؛ وهو أنْ يَبْدُوَ فيه الماءُ الحُلْوُ، ويَلِينَ، ويَصْفَرَّ (٢) لَوْنُه. وإنْ كان ممّا لا يَتَلَوَّنُ، كالتُّفّاحِ ونَحْوِه، فبِأنْ يَحْلُوَ، أو يَطِيبَ. وإنْ كان بِطِّيخًا، أو نحوَه، فبأنْ يَبْدُوَ فيه النُّضْجُ. وإنْ كان ممّا لا يَتَغَيَّرُ لَوْنُه، ويُؤْكَلُ طَيِّبًا، صِغارًا وكِبارًا، كالقِثّاءِ والخِيارِ، فصَلاحُه بُلُوغُه أنْ يُؤْكَلَ عادَةً. وقال القاضى، وأصْحابُ الشَّافِعِيِّ: بُلُوغُه أنْ يَتَناهَى عِظَمُهُ. وما قُلْناه أشْبَهُ بصلاحِه ممّا قالُوه؛ فإنَّ بُدُوُّ صلاحِ الشَّىْءِ ابْتِداؤُه، وتَناهِى عِظَمِه آخِرُ صلاحِه. ولأنّ بُدُوَّ الصَّلاحِ في الثَّمَرِ يَسْبِقُ حالَ الجِزازِ، فلا يجوزُ أنْ يُجْعَلَ بُدُوُّ الصَّلاحِ فيما يُقاسُ عليه بِسَبْقِه قَطْعَه عادَةً؛ إلَّا أنْ يُريدُوا بِتَناهِى عِظَمِه انْتِهاءَه إلى الحالِ التى جَرَتِ العادَةُ بأخْذِه فيها، فيكُونُ كما ذَكَرْنا. وما قُلْنا في هذا الفَصْلِ فهو قَوْلُ مالِكٍ، والشَّافِعِيِّ، وكثيرٍ مِن أهلِ العلمِ، أو مُقارِبٌ له. وقال عَطاءٌ: لا يُباعُ حتى يُؤْكَلَ مِن التَّمْرِ قَلِيلٌ، أو كَثِيرٌ. ورُوِىَ نحوُه عن ابن عُمَرَ، وابن عَبّاسٍ. ولعلَّهم أرادوا صلاحَه للأكْلِ، فيَرْجِعُ مَعْناه إلى ما قُلْنا؛ فإنَّ ابنَ عَبّاسٍ قال: نَهَى رسولُ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن بَيْعِ النَّخْلِ حتى يَأْكُلَ منه، أو يُؤْكَلَ. مُتَّفَقٌ عليه (٣). وإنْ أرادوا حَقِيقَةَ الأَكْلِ كان ما ذَكَرْنا أوْلَى؛ لأنَّ ما رَوَوْه يَحْتَمِلُ صلاحَه للأكلِ، فيُحْمَلُ على ذلك، مُوافَقَةً لأكثرِ الأخبارِ، وهو ما رُوِىَ عن النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أنّه نَهَى عن بَيْعِ الثَّمَرَةِ (٤) حتى تَطِيبَ. مُتَّفَقٌ عليه (٥). ونَهَى أنْ تُباعَ الثَّمَرَةُ حتى تَزْهُوَ. قيل: وما تَزْهُو؟ قال:


(٢) في الأصل: "يصفو".
(٣) أخرجه البخاري، في: باب السلم إلى من ليس عنده أصل، وباب السلم في النخل، من كتاب السلم. صحيح البخاري ٣/ ١١٢، ١١٣. ومسلم، في: باب النهى عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها بغير شرط القطع، من كتاب البيوع. صحيح مسلم ٣/ ١١٦٧.
كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند ١/ ٣٤١.
(٤) في الأصل: "الثمر".
(٥) أخرجه البخاري، في: باب بيع الثمر على رؤوس النخل بالذهب والفضة، من كتاب البيوع. صحيح البخاري ٣/ ٩٩. ومسلم، في: باب النهى عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها بغير شرط القطع، وباب النهى =

<<  <  ج: ص:  >  >>