للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أخِيهِ". ولا يَخْلُو من أربعةِ أقْسَامٍ؛ أحدِها، أن يُوجَدَ من البائِعِ تَصْرِيحٌ بالرِّضَا بالبَيْعِ، فهذا يَحْرُمُ السَّوْمُ على غيرِ ذلك المُشْتَرِى، وهو الذى تَنَاوَلَهُ النَّهْىُ. الثانى، أن يَظْهَرَ منه ما يَدُلُّ على عَدَمِ الرِّضَا فلا يَحْرُمُ السومُ؛ لأنَّ النَّبىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَاعَ فى مَن يَزِيدُ، فرَوَى أنَسٌ: أن رَجُلًا من الأَنْصَارِ شَكَا إلى النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الشِّدَّةَ والجَهْدَ، فقال له: "أما بَقِىَ لك شَىْءٌ؟ " فقال: بَلَى، قَدَحٌ وحِلْسٌ (٥)، قال: "فَأْتِنى بِهِمَا" فأتَاهُ بهما، فقال: "مَنْ يَبْتَاعُهُما؟ " فقال رَجُلٌ: أخَذْتُهُمَا بِدِرْهَمٍ. فقال النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ؟ مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ؟ " فأَعْطَاهُ رَجُلٌ دِرْهَمَيْنِ، فبَاعَهُما منه. رَوَاهُ التِّرْمِذِىُّ (٦)، وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وهذا أيضًا إجْماعُ المُسلِمين، يَبِيعُونَ فى أَسْواقِهِم بالمُزَايَدَةِ. الثالث، أن لا يُوجَدَ منه ما يَدُلُّ على الرِّضا [ولا على] (٧) عَدَمِه، فلا يَحْرُمُ (٨) السَّوْمُ أيضًا، ولا الزِّيادَةُ؛ اسْتِدْلالًا بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بنتِ قَيْسٍ، حين ذَكَرَتْ للنَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنَّ مُعَاوِيَةَ وأبَا جَهْمٍ خَطَبَاهَا، فأمَرَها أن تَنْكِحَ أُسَامَةَ (٩). وقد نَهَى عن الخِطْبَةِ على خِطْبَةِ أخِيهِ، كما نَهَى عن سَوْمِ أخِيهِ، فما أُبِيحَ فى أحَدِهما أُبِيحَ فى الآخَرِ.


= كما أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى النهى عن البيع على بيع أخيه، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذى ٥/ ٢٩٣. وابن ماجه، فى: باب لا يبيع الرجل على بيع أخيه. . .، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٣٤. والإمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٣٩٤، ٤١١، ٤٢٧، ٤٥٧، ٤٦٣، ٤٨٧، ٤٨٩، ٥٠٨، ٥١٢، ٥١٦، ٥٢٩.
(٥) الحلس: كل شىء ولى ظهر البعير والدابة تحت الرحل والقتب والسرج والبرذعة.
(٦) فى: باب ما جاء فى بيع من يزيد، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذى ٥/ ٢٢٤.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب ما يجوز فيه المسألة، من كتاب الزكاة. سنن أبي داود ١/ ٣٨١. والنسائى، فى: باب البيع فى من يزيد، من كتاب البيوع. المجتبى ٧/ ٢٢٧. وابن ماجه، فى: باب بيع المزايدة، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٤٠.
(٧) سقط من: الأصل.
(٨) فى أ، م: "يجوز له".
(٩) أخرجه مسلم، فى: باب المطلقة ثلاثًا لا سكنى لها، من كتاب الطلاق. صحيح مسلم ٢/ ١١١٤ - ١١١٦. وأبو داود، فى: باب نفقة المبتوتة، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود ١/ ٥٣٢. والترمذى، فى: باب =

<<  <  ج: ص:  >  >>