الثانى، أن يكونَ المَبِيعانِ ممَّا يَنْقَسِمُ الثَّمَنُ عليهما بالأجْزاءِ، كعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بينه وبين غيرِه، باعَه كلَّه بغيرِ إذْنِ شَرِيكِه، وكقَفِيزَيْنِ من صُبْرَةٍ واحِدَةٍ باعَهُما من لا يَمْلِكُ إلَّا بَعْضَهُما، ففيه وَجْهانِ؛ أحدُهما، يَصِحُّ فى مِلْكِه بِقسْطِهِ من الثَّمَنِ، ويَفْسُدُ فيما لا يَمْلِكُه. والثانى، لا يَصِحُّ فيهما. وأصْلُ الوَجْهَيْنِ، أنَّ أحمدَ نَصَّ فى مَن تَزَوَّجَ حُرَّةً، وأمَةً، على رِوايَتَيْنِ؛ إحْداهُما، يَفْسُدُ فيهما. والثانية، يَصِحُّ فى الحُرَّةِ. والأوْلَى أَنَّه يَصِحُّ فيما يَمْلِكُه، وهو قولُ مالِكٍ وأبي حنيفةَ، وهو أحَدُ قَوْلَىِ الشَّافِعِيِّ، وقال فى الآخَرِ: لا يَصِحُّ. وهو قولُ أبي ثَوْرٍ؛ لأنَّ الصَّفْقَةَ جَمَعَتْ حَلالًا وحَرامًا، فغَلَبَ التَّحْريمُ، ولأنَّ الصَّفْقَةَ إذا لم يُمْكِنْ تَصْحِيحُها فى جَمِيعِ المَعْقُودِ عليه، بَطَلَتْ فى الكُلِّ، كالجَمْعِ بين الأُخْتَيْنِ، وبَيْعِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ. ولَنا، أنَّ كلَّ واحِدٍ منهما له حُكْمٌ لو كان مُنْفَرِدًا، فإذا جَمَعَ بينهما ثَبَتَ لكلِّ واحِدٍ منهما حُكْمُه، كما لو باعَ شِقْصًا وسَيْفًا. ولأنَّ ما يجوزُ له بَيْعُه قد صَدَرَ فيه البَيْعُ من أهْلِه فى مَحلِّه بِشَرْطِه، فصَحَّ، كما لو انْفَرَدَ. ولأنَّ البَيْعَ سَبَبٌ اقْتَضَى الحُكْمَ فى مَحلَّيْن، وامْتَنَعَ حُكْمُه فى أحَدِ المَحلَّيْنِ؛ لِثُبُوتِه عن قَبُولِه، فيَصِحُّ فى الآخَرِ، كما لو أوْصَى بشىءٍ لآدَمِىٍّ وبَهِيمَةٍ، وأمَّا الدِّرْهَمانِ والأُخْتانِ، فليس واحدٌ منهما أوْلَى بالفَسادِ من الآخَرِ، فلذلك فَسَدَ فيهما، وهاهُنا بِخِلافِهِ. القسم الثالثِ، أن يكون المَبِيعانِ مَعْلُومَيْنِ، ممَّا لا يَنْقَسِمُ عليهما الثَّمَنُ بالأجْزاءِ، كَعَبْدٍ وحُرٍّ، وخَلٍّ وخَمْرٍ، [وعَبْدِه](٩) وعَبْدِ غيرِه وعَبْدٍ حاضِرٍ وآبِقٍ، فهذا يَبْطُلُ البَيْعُ فيما لا يَصِحُّ بَيْعُه، وفى الآخَرِ رِوايَتانِ. نَقَلَ صالِحٌ عن أبِيهِ فى مَنِ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ، فوَجَدَ أحَدَهما حُرًّا، رَجَعَ بقِيمَتِه من الثَّمَنِ. ونَقَلَ عنه مُهَنَّا فى مَن تَزَوَّجَ امْرَأةً على عَبْدَيْنِ، فوَجَدَ أحَدَهما حُرًّا، فلها قِيمَةُ العَبْدَيْنِ، فأَبْطَلَ الصَّداقَ فيهما جَمِيعًا. وللشَّافِعِيِّ قَوْلانِ، كالرِّوايَتَيْنِ. وأَبْطَلَ مالِكٌ العَقْدَ فيهما، إلَّا أن يَبِيعَ مِلْكَه، ومِلْكَ غيرِه، فيَصِحَّ فى مِلْكِه، ويَقِفَ فى مِلْكِ غيرِه على الإِجازَةِ. ونحوُه قولُ أبي حَنِيفَة؛ فإنَّه قال: إن كان أَحَدُهما لا يَصِحُّ بَيْعُه بِنَصٍّ، أو إجْماعٍ، كالحُرِّ والخَمْرِ، لم يَصِحَّ العَقْدُ