للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ ذلك لا يَضُرُّ. فإذا اقْتَسَمَا اقْتَرَعَا، فكان لكلِّ واحدٍ منهما ما تَخْرُجُ به القُرْعَةُ، فإن كان مَبْنِيًّا فلا كلامَ، وإن كان غيرَ مَبْنِىٍّ، كان لكلِّ واحدٍ منهما أن يَبْنِىَ في نَصِيبِه، وإن أحَبَّ أن يُدْخِلَ بعضَ عَرْصَتِه في دَارِه فَعَلَ، وإن أحَبَّ أن يَزِيدَ في حَائِطِه من عَرْصَتِهِ فَعَلَ. ويَحْتَمِلُ أن لا يُجْبَرَ على القِسْمَةِ؛ لأنَّها تُوجِبُ اخْتِصَاصَ كلِّ واحدٍ منهما ببعضِ الحائِطِ المُقَابِلِ لِمِلْكِ شَرِيكِه، وزَوَالَ مِلْكِ شَرِيكِه، فيَتَضَرَّرُ؛ لأنَّه لا يَقْدِرُ على حَائِطٍ يَسْتُرُ مِلْكَه، وربما اخْتَارَ أحَدُهُما أن لا يَبْنِىَ حَائِطَه، فيَبْقَى مِلْكُ (٣٩) كلِّ واحدٍ منهما مَكْشُوفًا، أو يَبْنِيه ويَمْنَعُ جَارَه من وَضْعِ خَشَبِه عليه، وهذا ضَرَرٌ لا يَرِدُ الشَّرْعُ بالإِجْبَارِ عليه. فإن قِيل: فإذا كان مُشْتَرَكًا تَمَكَّنَ أيضًا مِن مَنْعِ شَرِيكِه وَضْعَ خَشَبِه عليه. قُلْنا: إذا كان له عليه رَسْمُ وَضعِ خَشَبِه، أو انْتِفَاعٌ به، لم يَمْلِكْ مَنْعَهُ من رَسْمِه، وهاهُنا يَمْلِكُ مَنْعَهُ بالكُلِّيَّةِ. وأمَّا إن طَلَبَ قَسْمَها عَرْضًا، وهو أن يُجْعَلَ لكلِّ واحِدٍ منهما نِصْفُ العَرْضِ في كَمَالِ الطُّولِ، نَظَرْنَا، فإن كانت العَرْصَةُ لا تَتَّسِعُ لِحَائِطَيْنِ، لم يُجْبَر المُمْتَنِعُ من قَسْمِهَا (٤٠). واخْتَارَ ابنُ عَقِيلٍ أنَّه يُجْبَرُ. وهو ظَاهِرُ كلامِ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّها عَرْصَةٌ، فأُجْبِرَ على قَسْمِهَا، كعَرْصَةِ الدَّارِ. ولَنا، أنَّ في قَسْمِهَا ضَرَرًا، فلم يُجْبَر المُمْتَنِعُ من قَسْمِها عليه، كالدَّارِ الصَّغِيرَةِ، وما ذَكَرُوه يَنْتَقِضُ بذلك. وإن كانت تَتَّسِعُ لِحَائِطَيْنِ، بحيثُ يَحْصُلُ لكلِّ واحدٍ منهما ما يَبْنِى فيه حَائِطًا، ففى إِجْبَارِ المُمْتَنِعِ وَجْهانِ: أحدُهما: يُجْبَرُ. قالَه أبو الخَطَّابِ؛ لأنَّه لا ضَرَرَ في القَسْمِ (٤١)؛ لكَوْنِ كلِّ واحدٍ منهما يَحْصُلُ له ما يَنْدَفِعُ به حاجَتُه، فأشْبَهَ عَرْصَةَ الدَّارِ التي يَحْصُلُ لكلِّ واحدٍ منهما ما يَبْنِى فيه دَارًا. والثانى، لا يُجْبَرُ. ذَكَرَهُ القاضي؛ لأنَّ هذه القِسْمَةَ لا تَقَعُ فيها قُرْعَةٌ؛ لأنَّنا لو أقْرَعْنَا بينهما، لم نَأْمَنْ أن تَخْرُجَ قُرْعَةُ كلِّ واحِدٍ منهما على ما يلي مِلْكَ جَارِه، فلا يَنْتَفِعُ به، فلو أجْبَرْنَاهُ على القِسْمَةِ


(٣٩) سقط من: ب.
(٤٠) في م زيادة: "واختلفوا".
(٤١) في م: "القسمة".

<<  <  ج: ص:  >  >>