للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْحَقِّ ونَقْلٌ له، فَيُنْقَلُ على صِفَتِه، ويُعْتَبَرُ تَمَاثُلُهما في أُمُورٍ ثلاثةٍ: أحدُها، الجِنْسُ. فَيُحِيلُ مَن عليه ذَهَبٌ بِذَهَبٍ، ومن عليه فِضَّةٌ بِفِضَّةٍ. ولو أحَالَ من عليه ذَهَبٌ بِفِضَّةٍ، أو من عليه فِضَّةٌ بِذَهَبٍ، لم يَصِحَّ. الثانى، الصِّفَةُ. فلو أحَالَ مَن عليه صِحَاحٌ بمُكَسَّرَةٍ، أو من عليه مِصْرِيَّة بِأَمِيرِيَّةٍ، لم يَصِحَّ. الثالث، الحُلُولُ والتَّأْجِيلُ. ويُعْتَبَرُ اتِّفَاقُ أجَلِ المُؤَجَّلَيْن، فإن كان أحَدُهُما حَالًّا والآخَرُ مُؤَجَّلًا، أو أُجِّل أحَدُهما إلى شَهْرٍ والآخَرُ إلى شَهْرَيْنِ، لم تَصِحَّ الحَوَالَةُ. ولو كان الحَقَّانِ حَالَّيْنِ، فشَرَطَ على المُحْتالِ أن يَقْبِضَ حَقَّهُ أو بَعْضَه بعدَ شَهْرٍ لم تَصِحَّ الحَوَالَةُ؛ لأنَّ الحالَّ لا يَتَأَجَّلُ، ولأنَّه شَرَطَ ما لو كان ثَابِتًا في نَفْسِ الأَمْرِ لم تَصِحَّ الحَوَالَةُ؛ فكذلك إذا شَرَطَهُ (١). وإذا اجْتَمَعَتْ هذه الأُمُورُ، وصَحَّت الحَوَالَةُ، وتَرَاضَيَا بأن يَدْفَعَ المُحَالُ عليه (٢) خَيْرًا من حَقِّه، أو رَضِىَ المُحْتَالُ بدون الصِّفَةِ، أو رَضِىَ مَن عليه المُؤَجَّلُ بِتَعْجِيلِه، أو رَضِىَ مَن له الحالُّ بإِنْظَارِه، جازَ؛ لأنَّ ذلك يجوزُ في القَرْضِ، ففى الحَوَالَةِ أَوْلَى. وإن مَاتَ المُحِيلُ، أو المُحَالُ، فالأَجَلُ بِحَالِه. وإن مَاتَ المُحَالُ عليه، ففى حُلُولِ الحَقِّ رِوَايَتَانِ، مَضَى ذِكْرُهما.

الشَّرْطُ الثانى، أن تكونَ على دَيْنٍ مُسْتَقِرٍّ. ولا يُعْتَبَرُ أن يُحِيلَ بِدَيْنٍ [غيرِ] (٣) مُسْتَقِرٍّ، إلا أن السَّلَمَ لا تَصِحُّ الحَوَالَةُ به ولا عليه، لأن دَيْنَ السَّلَمِ ليس بمُسْتَقِرٍّ لكَوْنه بِعَرْضِ الفَسْخِ، لِانْقِطَاعِ المُسْلَمِ فيه. ولا تَصِحُّ الحَوَالَةُ به؛ لأنَّها لم تَصِحَّ إلَّا فيما يجوزُ أخْذُ العِوَضِ عنه، والسَّلَمُ لا يجوزُ أخْذُ العِوَضِ عنه؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ أَسْلَمَ في شيءٍ، فَلَا يَصْرِفْه إلَى غَيْرِهِ" (٤). ولا تَصِحُّ الحَوَالَةُ على المُكَاتَبِ بمالِ


(١) في ب: "اشترطه".
(٢) في ب زيادة: "إليه".
(٣) تكملة يصح بها المعنى.
(٤) تقدم تخريجه في: ٦/ ٤١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>