للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِقْرارَ؛ لأنَّه إِخْبَارٌ بِحَقٍّ سَابِقٍ. وأما الصَّبِىُّ المُمَيِّزُ، فلا يَصِحُّ ضَمَانُه، في الصَّحِيحِ من الوَجْهَيْنِ. وهو قول الشَّافِعِىِّ. وخَرَّجَهُ أصْحابُنا على الرِّوَايَتَيْنِ في صِحَّةِ إقْرَارِه وتَصَرُّفَاتِه بإِذْنِ وَلِيِّهِ، ولا يَصِحُّ هذا الجَمْعُ؛ لأنَّ هذا الْتِزَامُ مالٍ لا فائِدَةَ له فيه، فلم يَصِحَّ منه، كالتَّبَرُّعِ والنَّذْرِ، بِخِلَافِ البَيْعِ. وإن اخْتَلَفَا في وَقْتِ الضَّمَانِ بعدَ بُلُوغِه، فقال الصَّبِىُّ: قبلَ بُلُوغِى. وقال المَضْمُونُ له: بعدَ البُلُوغِ. فقال القاضي: قِياسُ قول أحمدَ أنَّ القولَ قولُ المَضْمُونِ له؛ لأنَّ معه سَلامةَ العَقْدِ، فكان القولُ قولَه، كما لو اخْتَلَفَا في شَرْطٍ فَاسِدٍ. ويَحْتَمِلُ أنَّ القولَ قولُ الضَّامِنِ؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُ البُلُوغِ، وعَدَمُ وُجُوبِ الحَقِّ عليه. وهذا قولُ الشَّافِعِىِّ. ولا يُشْبِهُ هذا ما إذا اخْتَلَفَا في شَرْطٍ فَاسِدٍ؛ لأنَّ المُخْتَلِفَيْنِ ثَمَّ مُتَّفِقانِ على أهْلِيَّةِ (٣٩) التَّصَرُّفِ، والظَّاهِرُ أنَّهما لا يَتَصَرَّفانِ إلَّا تَصَرُّفًا صَحِيحًا، فكان قولُ مُدَّعِى الصِّحَّةِ هو الظَّاهِرُ، وههُنا اخْتَلَفَا في أهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ (٤٠)، وليس مع من يَدَّعِى الأَهْلِيَّةَ ظَاهِرٌ يَسْتَنِدُ إليه، ولا أصْلٌ يَرْجِعُ إليه، فلا تَرْجُحُ دَعْوَاهُ. والحُكْمُ في مَن عُرِفَ له حَالُ جُنُونٍ، كالحُكْمِ في الصَّبِىِّ، وإن لم يُعْرَفْ له حالُ جُنُونٍ، فالقولُ قولُ المَضْمُونِ له؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُهُ، فأما المَحْجُورُ عليه لِفَلَسٍ، فيَصِحُّ ضَمَانُه، ويُتْبَعُ به بعدَ فَكِّ الحَجْرِ عنه؛ لأنَّه من أَهْلِ التَّصَرُّفِ، والحَجْرُ عليه في مَالِه، لا في ذِمَّتِه، فأشْبَهَ الرَّاهِنَ، فصَحَّ تَصَرُّفُه فيما عدا الرَّهْنِ، فهو كما لو اقْتَرَضَ أو أَقَرَّ أو اشْتَرَى في ذِمَّتِه. ولا يَصِحُّ ضَمَانُ العَبْدِ بغير إِذْنِ سَيِّدِه، سواءٌ كان مَأْذُونًا له في التِّجَارَةِ أو غيرَ مَأْذُونٍ له. وبهذا قال ابنُ أبي لَيْلَى، والثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ. ويَحْتَمِلُ أن يَصِحَّ، ويُتْبَعَ به (٤١) بعدَ العِتْقِ. وهو أحَدُ الوَجْهَيْنِ لأصْحابِ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّه من أهْلِ التَّصَرُّفِ، فصَحَّ تَصَرُّفُه بما لا ضَرَرَ على السَّيِّدِ فيه، كالإِقْرَارِ بالإِتْلَافِ. ووَجْهُ الأَوَّلِ، أنَّه عَقْدٌ تَضَمَّنَ إِيجابَ مالٍ، فلم يَصِحَّ بغيرِ إِذْنٍ، كالنِّكَاحِ. وقال


(٣٩) في الأصل، أ، م: "أهمية".
(٤٠) في م: "الصرف".
(٤١) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>