للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنِّفَاسُ؛ لأنَّه هو الحَدَثُ، وانْقِطَاعُهُ شَرْطُ وُجُوبٍ للغُسْلِ وصِحَّتِه، فَسَمَّاهُ مُوجِبًا لذلك، وهذا كَقَوْلِهِم: انْقِطَاعُ دَمِ الاسْتِحَاضَةِ مُبْطِلٌ للصَّلَاةِ. والمُبْطِلُ إنَّما هو الحَدَثُ الخارِجُ، لكنْ عُفِىَ عنه للضَّرُورَةِ، فإذا انْقَطَعَ الدَّمُ زالَت الضَّرورَةُ، فظَهَرَ حُكْمُ الحَدَثِ حِينَئِذٍ، وأُضِيفَ الحُكْمُ إلى الانْقِطَاعِ؛ لِظُهُورِهِ عِنْدَه. ولا خِلَافَ في وُجُوبِ الغُسْلِ بالحَيْضِ والنِّفَاسِ، وقد أمَرَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالغُسْلِ مِن الحَيْضِ في أحادِيثَ كَثيرةٍ، فقال لفاطمة بِنتِ أبي حُبَيْشٍ: "دَعِى الصَّلاةَ قَدْرَ الأَيَّامِ التي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا، ثم اغْتَسِلِى وصَلِّى". مُتَّفَقٌ عليه (١). وأمَرَ بهِ في حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَة، وحَدِيثِ عَدِيّ بنِ ثابِتٍ، عن أبِيهِ، عن جَدِّهِ رَوَاهُما أبو دَاوُد، وغيرُه (٢)، وأمَرَ بهِ في حَدِيثِ أُمِّ حَبِيبةَ، وسَهْلَة بنت سُهَيْل، وحَمْنَة بنت جَحْش، وغَيْرِهنَّ (٢)، وقد قِيلَ في قَوْلِ اللهِ تَعالَى: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} (٣) يَعْنِى: إذا اغْتَسَلْنَ. مَنَعَ الزَّوْجَ وَطْأَهَا قَبْلَ الغُسْلِ، فدَلَّ عَلَى وُجُوبِه عليها. والنِّفَاسُ كالحَيْضِ سواء؛ فإنَّ دَمَ النِّفَاسِ هو دَمُ الحَيْضِ، وإنّما كانَ في مُدَّةِ الحَمْلِ يَنْصَرِفُ إلى غِذَاءِ الوَلَدِ، فحِينَ خَرَجَ الوَلَدُ خَرَجَ الدَّمُ (٤) لِعَدَمِ مَصْرِفِه،


(١) يأتي الحديث بتمامه في باب الحيض. وأخرجه البخاري، في: باب غسل الدم، من كتاب الوضوء، وفى: باب الاستحاضة، وباب إقبال المحيض وإدباره، وباب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض، من كتاب الحيض. صحيح البخاري ١/ ٦٦، ٨٤، ٨٧، ٨٩، ٩٠. ومسلم، في: باب المستحاضة وغسلها وصلاتها، من كتاب الحيض. صحيح مسلم ١/ ٦٦٢. وأبو داود، في: باب في المرأة تستحاض ومن قال لا تدع الصلاة. . .، وباب من روى أن الحيضة إذا أدبرت لا تدع الصلاة، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٦٣ - ٦٥. والترمذي، في: باب في المستحاضة، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذى ١/ ١٩٧. والنسائي، في: باب ذكر الاغتسال من الحيض، وباب ذكر الأقراء، وباب الفرق بين دم الحيض والاستحاضة، من كتاب الطهارة، وفى: باب ذكر الاستحاضة وإقبال الدم وإدباره، وباب ذكر الأقراء، وباب الفرق بين دم الحيض والاستحاضة، من كتاب الحيض. المجتبى ١/ ٩٦، ٩٧، ١٠١، ١٠٢، ١٠٣، ١٤٨، ١٥٠، ١٥٢. وابن ماجه، في: باب ما جاء في المستحاضة التي قد عدت أيام أقرائها قبل أن يستمر بها الدم، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه ١/ ٢٠٣، ٢٠٤. والإمام مالك، في: باب المستحاضة، من كتاب الطهارة. الموطأ ١/ ٦١. والإِمام أحمد، في: المسند ٦/ ٤٦٤. وأخرجه أيضًا الدارمي، في: باب في غسل المستحاضة من كتاب الطهارة. سنن الدارمي ١/ ١٩٨.
(٢) تأتي هذه الأحاديث في باب الحيض، المسائل ٩٢، ٩٣، ٩٤.
(٣) سورة البقرة ٢٢٢.
(٤) من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>