للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبَقِىَ ثلاثةُ أنْواعٍ، ذَكَرَها الخِرَقِىُّ في خَمْسةِ أقْسامٍ، ثلاثةٌ منها المُضَارَبَةُ، وهى (٢) إذا اشْتَركَ بَدَنَانِ بمالِ أحَدِهما، أو بَدَنٌ ومَالٌ، أو مَالَانِ وبَدَنُ صَاحِبِ أحَدِهما. وقِسْمٌ منها شَرِكَة الوُجُوهِ، وهو إذا اشْتَرَكَ بَدَنانِ بمالِ غَيْرِهما. وقال القاضي: مَعْنَى هذا القِسْمِ، أن يَدْفَعَ واحِدٌ مَالَه إلى اثْنَيْنِ مُضَارَبَةً، فيكون المُضَارِبَانِ شَرِيكَيْنِ في الرِّبْحِ بمالِ غَيْرِهما؛ لأنَّهما إذا أُخِذَ المالُ بِجَاهِهما فلا يكُونانِ مُشْتَرِكَيْنِ بمالِ غَيْرِهما، وهذا مُحْتَمِلٌ. والذي قُلْنا له وَجْهٌ؛ لكَوْنِهما اشْتَرَكَا فيما يَأْخُذانِ من مالِ غَيْرِهما، واخْتَرْنا هذا التَّفْسِيرَ؛ لأنَّ كلامَ الخِرَقِىِّ بهذا التَّقْدِيرِ يكونُ جَامِعًا لأَنْواعِ الشَّرِكَةِ الصَّحِيحَةِ، وعلى تَفْسِيرِ القاضي يكون مُخِلًّا بِنَوْعٍ منها، وهى شَرِكَةُ الوُجُوهِ، ويكونُ هذا المَذْكُورُ نَوْعًا من المُضَارَبَةِ، ولأنَّ الخِرَقِىَّ ذَكَرَ الشَّرِكَةَ بين اثْنَيْنِ، وهو صَحِيحٌ على تَفْسِيرِنَا، وعلى تَفْسِيرِ القاضِى تكون الشَّرِكَةُ بين ثَلَاثَةٍ، وهو خِلَافُ ظَاهِرِ قولِ الخِرَقِيِّ. والقسم الخامس إذا اشْتَرَكَ بَدَنانِ بمالَيْهِما، وهذه شَرِكَةُ العِنَانِ، وهى شَرِكَةٌ مُتَّفَقٌ عليها. فأما شَرِكَةُ الوُجُوهِ، فهو أن يَشْتَرِكَ اثْنانِ فيما يَشْتَرِيانِ بِجَاهِهما، وثِقَةِ التُّجَّارِ بهما، من غيرِ أن يكونَ لهما رَأْسُ مالٍ، على أنَّ ما اشْتَرَيَا بينهما نِصْفَيْنِ أو أَثْلاثًا أو أرْباعًا أو نحوَ ذلك، ويَبِيعَانِ ذلك، فما قَسَمَ اللهُ تعالى فهو بينهما، فهى جَائِزَةٌ، سواءٌ عَيَّنَ أحَدُهما لِصاحِبِه ما يَشْتَرِيهِ، أو قَدْرَهُ، أو وَقْتَهُ، أو ذَكَرَ (٣) صِنْفَ المالِ، أو لم يُعَيِّنْ شَيْئًا من ذلك، بل قال: ما اشْتَرَيْتَ من شيءٍ فهو بيننا. وقال أحمَدُ، في رِوَايةِ ابن منصورٍ: في رجليْنِ اشْتَرَكا بغير رُءُوسِ أمْوالِهما، على أنَّ ما يَشْتَرِيه كلُّ واحدٍ منهما بينهما، فهو جَائِزٌ. وبهذا قال الثَّوْرِىُّ، ومحمدُ بن الحسنِ، وابنُ المُنْذِرِ، وقال أبو حنيفةَ: لا يَصِحُّ حتى يَذْكُرَ الوَقْتَ أو المالَ، أو صِنْفًا من الثِّيابِ. وقال مالِكٌ والشَّافِعِىُّ: يُشْتَرَطُ ذِكْرُ شَرَائِط الوَكالَةِ؛ [لأنَّ شَرَائِطَ الوَكَالَةِ مُعْتَبَرَةٌ في ذلك، من تَعَيُّنِ الجِنسِ وغيرِه من شَرَائِط الوَكَالَةِ] (٤). ولَنا، أنَّهما اشْتَرَكَا في الابتِياعِ، وأَذِنَ كلُّ واحدٍ منهما للآخَرِ فيه،


(٢) في ازيادة: "ما".
(٣) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٤) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>