للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَرْضٌ، فاتَّفَقَا على بَيْعِه أو قَسْمِه (٢)، جازَ؛ لأنَّ الحَقَّ لهما، لا يَعْدُوهما. وإن طَلَبَ العامِلُ البَيْعَ، وأبَى رَبُّ المالِ، وقد ظَهَرَ في المالِ رِبْحٌ، أُجْبِرَ رَبُّ المالِ على البَيْعِ. وهذا (٣) قولُ إسحاقَ والثَّوْرِىِّ؛ لأنَّ حَقَّ العامِلِ في الرِّبْحِ، ولا يَظْهَرُ إلَّا بالبَيْعِ. وإن لم يَظْهَرْ رِبْحٌ، لم يُجْبَرْ؛ لأنَّه لا حَقَّ له فيه، وقد رَضِيَهُ مالِكُه كذلك، فلم يُجْبَرْ على بيْعِه. وهذا ظاهِرُ مذهبِ الشّافِعِىِّ. وقال بعضُهم: فيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّه يُجْبَرُ على البَيْعِ؛ لأنَّه ربَّما زَادَ فيه زَائِدٌ، أو رَغِبَ فيه راغِبٌ، فزَادَ على ثَمَنِ المِثْلِ، فيكونُ للعامِلِ في البَيْعِ حَظٌّ. ولَنا، أن المُضَارِبَ إنما اسْتَحَقَّ (٤) الرِّبْحَ إلى حينِ الفَسْخِ، وذلك لا يُعْلَمُ إلَّا بالتَّقْوِيمِ، ألا تَرَى أنَّ المُسْتَعِيرَ إذا غَرَسَ أو بَنَى، أو المُشْتَرِىَ، كان لِلْمُعِيرِ والشَّفِيعِ أن يَدْفَعَا قِيمَةَ ذلك، لأنَّه مُسْتَحِقٌّ للأَرْضِ، فههُنا أَوْلَى. وما ذَكَرُوه من احْتِمالِ الزِّيادَةِ، بزِيَادَةِ مُزَايِدٍ أو رَاغِبٍ على قِيمَتِه، فإنَّما حَدَثَ ذلك بعدَ فَسْخِ العَقْدِ، فلا يَسْتَحِقُّها العامِلُ. وإن طَلَبَ رَبُّ المالِ البَيْعَ، وأبى العامِلُ، ففيه وَجْهانِ؛ أحدُهما، يُجْبَرُ العامِلُ على البَيْعِ. وهو قولُ الشّافِعِىِّ؛ لأنَّ عليه رَدَّ المالِ نَاضًّا كما أخَذَهُ. والثانى، لا يُجْبَرُ إذا لم يكُنْ في المالِ رِبْحٌ، أو أسْقَطَ حَقَّهُ من الرِّبْحِ؛ لأنَّه بالفَسْخِ زال تَصَرُّفُه، وصارَ أجنَبِيًّا من المالِ، فأشْبَهَ الوَكِيلَ إذا اشْتَرَى ما يُسْتَحَقُّ رَدُّه، فزَالَتْ وَكَالَتُه قبلَ رَدِّه. ولو كان رَأْسُ المالِ دَنَانِيرَ، فصارَ دَرَاهِمَ, [أو دَرَاهِمَ فصارَ دَنَانِيرَ] (٥)، فهو كما لو كان عَرْضًا، على ما شُرِحَ. وإذا نَضَّ رَأْسُ المالِ جَمِيعُه، لم يَلْزَمِ العامِلَ أن يَنِضَّ له الباقِى؛ لأنَّه شَرِكَةٌ بينهما، ولا يَلْزَمُ الشَّرِيكَ أن يَنِضَّ مالَ شَرِيكِه، ولأنَّه إنَّما لَزِمَهُ أن يَنِضَّ رَأْسَ المالِ، لِيَرُدَّ إليه (٦) رَأْسَ مالِه على صِفَتِه، ولا يُوجَدُ هذا المَعْنَى في الرِّبْحِ.


(٢) في أ: "قسمته".
(٣) في م: "وهو".
(٤) في أ: "يستحق".
(٥) سقط من: الأصل.
(٦) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>