للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن الحَسَنِ. وقال أبو حنيفةَ: إن اسْتَثْنَى مَكِيلًا أو مَوْزُونًا، جَازَ، وإن اسْتَثْنَى عَبْدًا أو ثَوْبًا من مَكِيلٍ أو مَوْزُونٍ، لم يَجُزْ. وقال مالِكٌ، والشّافِعِىُّ: يَصِحُّ الاسْتِثْناءُ من غيرِ الجِنْسِ مُطْلَقًا؛ لأنَّه وَرَدَ في الكِتَابِ العَزِيزِ ولُغَةِ العَرَبِ، قال اللَّه تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ} (١). وقال اللهُ تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (٢٥) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا} (٢). وقال الشاعِرُ (٣):

وبَلْدَةٍ ليس بها أَنِيسُ

إلَّا الْيَعَافِيرُ، وإلَّا العِيْسُ

وقال آخر (٤):

. . . . . . . . . . . ... عَيَّتْ جَوابًا وما بالرَّبْعِ مِن أحَدِ

إلَّا أوَارِىُّ لَأْيًا ما أُبَيِّنُها ... . . . . . . . . . . . . . .

ولَنا أنَّ الاسْتِثْناءَ صَرْفُ اللَّفْظِ بِحَرْفِ الاسْتِثْناءِ عمَّا كان يَقْتَضِيهِ لَوْلَاهُ. وقيل: هو (٥) إِخْرَاجُ بعض ما تَنَاوَلَهُ المُسْتَثْنَى منه، مُشْتَقٌّ من ثَنَيْتُ فُلَانًا عن رَأْيِه. إذا صَرَفْتَه عن رَأْىٍ كان عَازِمًا عليه. وثَنَيْتُ عِنَانَ دَابَّتِى. إذا صَرَفْتَها به عن وِجْهَتِها التي كانت تَذْهَبُ إليها. وغيرُ الجِنْسِ المَذْكُورِ ليس بِدَاخِلٍ في الكلامِ، فإذا ذَكَرَهُ، فما صَرَفَ الكَلَامَ عن صَوْبِه، ولا ثَنَاهُ عن وَجْهِ اسْتِرْسَالِه، فلا يكونُ اسْتِثْناءً، وإنَّما سُمِّىَ (٦)


(١) سورة الكهف ٥٠.
(٢) سورة الواقعة ٢٥، ٢٦.
(٣) الرجز لجران العود، وهو من الشواهد النحوية. انظر معجم شواهد العربية ٤٨١.
واليعافير: جمع يعفور، وهو ولد الظبية وولد البقرة الوحشية أيضًا. والعيس: إبل بيض يخالط بياضها شقرة.
(٤) هو النابغة الذبيانى. ديوانه ٢، ٣.
وصدر الأول: * وقفتُ فيها أُصيْلا لا أُسائِلُها *
وعجز الثاني: * والنُّؤْىُ كالحوضِ بالمظلومةِ الجَلَدِ *
(٥) سقط من: أ، ب.
(٦) في الأصل: "يسمى".

<<  <  ج: ص:  >  >>