للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيمَتُها حين كانت زائِدَةً؛ لأنَّه لو رَدَّهَا ناقِصَةً لَلَزِمَهُ أَرْشُ نَقْصِها، وهو بَدَلُ الزِّيَادَةِ، فإذا ضَمِنَ الزِّيَادَةَ مع رَدِّها، ضَمِنَها عندَ تَلَفِها، فإن كان اخْتِلَافُها لِتَغَيُّرِ الأَسْعارِ، لم يَضْمَن الزِّيَادَةَ؛ لأنَّ نُقْصَانَ (٧) القِيمَةِ لذلك لا يُضْمَنُ مع رَدِّ العَيْنِ، فلا يُضْمَنُ عند تَلَفِها. وحَمَلَ القاضي قولَ الخِرَقِىِّ على ما إذا اخْتَلَفَتِ القِيمَةُ لِتَغَيُّرِ الأَسْعَارِ. وهو مذهبُ الشّافِعِىِّ، لأنَّ أكْثَرَ القِيمَتَيْنِ فيه لِلْمَغْصُوبِ منه، فإذا تَعَذَّرَ رَدُّهَا ضَمِنَها، كقِيمَتِه يومَ التَّلَفِ، وإنَّما سَقَطَتِ القِيمَةُ مع رَدِّ العَيْنِ. والمَذْهَبُ الأَوَّلُ؛ لما ذَكَرْنا، وتُفَارِقُ هذه الزِّيَادَةُ زِيَادَةَ المَعَانِى؛ لأنَّ تلك تُضْمَنُ مع رَدِّ العَيْنِ، فكذلك مع تَلَفِها، وهذه لا تُضْمَنُ مع رَدِّ العَيْنِ، فكذلك مع تَلَفِها. وقولُهم: إنَّها سَقَطَتْ بِرَدِّ العَيْنِ (٨). لا يَصِحُّ؛ لأنَّها لو وَجَبَتْ لما سَقَطَتْ بالرَّدِّ، كزِيَادَةِ السِّمَنِ والتَّعَلُّمِ (٩). قال القاضي: ولم أجِدْ عن أحمدَ رِوَايةً بأنَّها تُضْمَنُ بأَكْثَرِ القِيمَتَيْنِ؛ لِتَغَيُّرِ الأَسْعارِ. فعلى هذا تُضْمَنُ بقِيمَتِها يوم التَّلَفِ. رَوَاهُ الجَماعَةُ عن أحمدَ. وعنه أنَّها تُضْمَنُ بقِيمَتِها يومَ الغَصْبِ. وهو قولُ أبى حنيفةَ، ومَالِكٍ، لأنَّه الوَقْتُ الذي أزَالَ يَدَهُ عنه فيه (١٠) فيَلْزَمُه القِيمَةُ حِينَئِذٍ، كما لو أتْلَفَهُ. ولَنا، أنَّ القِيمَةَ إنَّما تَثْبُتُ في الذِّمَّةِ حين التَّلَفِ؛ لأنَّ قبلَ ذلك كان الواجِبُ رَدَّ العَيْنِ دُونَ قِيمَتِها، فاعْتُبِرَتْ تلك الحالَة (١١)، كما لو تَخْتَلِفْ قِيمَتُه. وما ذَكَرُوه لا يَصِحُّ؛ لأنَّ إِمْسَاكَ المَغْصُوبِ غَصْبٌ، فإنَّه فِعْلٌ يَحْرُمُ (١٢) عليه تَرْكُه في كلِّ حالٍ، وما رُوي عن أحمدَ من اعْتِبارِ القِيمَةِ بيوم الغَصْبِ، فقال الخَلَّالُ: جَبُنَ أحمدُ عنه. كأنَّه رَجَعَ إلى قَوْلِه الأَوَّلِ.


(٧) في ب: "نقص".
(٨) في الأصل زيادة: "قلنا".
(٩) في الأصل: "والتعليم".
(١٠) سقط من: ب، م.
(١١) في ب: "الحال".
(١٢) في م: "يجب".

<<  <  ج: ص:  >  >>