مُتَعَدٍّ، فلم يَسْتَحِقَّ إِزالَةَ مِلْكِ صاحِبِ الثَّوْبِ عنه بِعُدْوانِه. ويَحْتَمِلُ أن يُجْبَرَ لِيَصِلَ الغاصِبُ إلى ثَمَنِ صِبْغِه.
القسم الثاني، أن يَغْصِبَ ثَوْبًا وصِبْغًا من واحِدٍ، فَيَصْبُغَه به، فإن لم تَزِدْ قِيمَتُهُما ولم تَنْقُصْ، رَدَّهُمَا ولا شىءَ عليه. وإن زَادَتِ القِيمَةُ فهى لِلْمالِكِ، ولا شىءَ للغاصِبِ؛ لأنَّه (٤٠) إنَّما له في الصِّبْغِ أثَرٌ لا عَيْنٌ. وإن نَقَصَتْ بالصِّبْغِ، فعلى الغاصِبِ ضَمَانُ النَّقْصِ؛ لأنَّه بِتَعَدِّيه. وإن نَقَصَ لِتَغَيُّرِ الأَسْعَارِ لم يَضْمَنْهُ.
القسم الثالث، أن يغْصِبَ ثَوْبَ رَجُلٍ وصِبْغَ آخَرَ، فيَصْبُغَه به، فإن كانت القِيمَتَانِ بحَالِهِما، فهما شَرِيكانِ بِقَدْرِ مَالِهِما، وإن زَادَتْ، فالزِّيَادَةُ لهما، وإن نَقَصَتْ بالصّبْغِ، فالضَّمَانُ على الغاصِبِ، ويكون النَّقْصُ من صاحِبِ الصّبْغِ؛ لأنَّه تَبَدَّدَ فى الثَّوْبِ، ويَرْجِعُ به على الغاصِبِ، وإن نَقَصَ لِنَقْصِ سِعْرِ الثِّيابِ، أو سِعْرِ الصِّبْغِ، أو لِنَقْصِ سِعْرِهِما، لم يَضْمَنْهُ الغاصِبُ، وكان نَقْصُ مالِ كلِّ واحدٍ منهما من صَاحِبِه. وإن أرَادَ صاحِبُ الصِّبْغِ قَلْعَهُ، أو أرَادَ ذلك صاحِبُ الثَّوْبِ، فحُكْمُهما حُكْمُ ما لو صَبَغهُ الغاصِبُ بِصِبْغٍ من عندِه، على ما مَرَّ بَيَانُه. وإن غَصَبَ عَسَلًا ونَشَاءً، وعَقَدَهُ حَلْوَاءَ، فحُكْمُهُ حُكْمُ ما لو غَصَبَ ثَوْبًا فصَبَغَهُ، على ما ذُكِرَ فيه. الحكم الثاني، أنَّه متى كان لِلْمَغْصُوبِ أَجْرٌ، فعلى الغاصِبِ أَجْرُ مِثْلِه مُدَّةَ مُقَامِه في يَدَيْهِ، سواءٌ اسْتَوْفَى المَنَافِعَ أو تَرَكَها تَذْهَبُ. هذا هو المَعْرُوفُ في المذهبِ. نَصَّ عليه أحمدُ، في رِوَايَةِ الأَثْرَمِ. وبه قال الشّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَضْمَنُ المَنَافِعَ. وهو الذي نَصَرَهُ أصْحَابُ مالِكٍ. وقد رَوَى محمدُ بن الحَكَمِ، عن أحمدَ، في مَن غصَبَ دارًا فسَكَنَها عِشْرِينَ سَنَةً: لا أَجْتَرِىءُ أن أقولَ عليه سُكْنَى ما سَكَنَ. وهذا يَدُلُّ على توَقُّفِه عن إِيجَابِ الأَجْرِ، إلَّا أن أبا بكرٍ قال: هذا قولٌ قَدِيمٌ؛ لأنَّ محمدَ بن الحَكَمِ ماتَ قبلَ أبى عبدِ اللَّه بِعِشْرِينَ سَنَةً. واحْتَجَّ مَن لم يُوجِبِ الأَجْرَ، بقولِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: