للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِدًا". وقال حَدِيثٌ حَسَنٌ. ولأنَّه اتِّصَالُ مِلْكٍ يَدُومُ ويَتَأَبَّدُ، فتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ به (٩)، كالشَّرِكَةِ. ولَنا، قولُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ، وصُرِّفَتِ الطُّرُقُ، فَلَا شُفْعَةَ" (١٠). ورَوَى ابن جُرَيْجٍ، عن الزُّهْرِيِّ، عن سَعِيد بن المُسَيَّبِ، أو عن أبي سَلَمَةَ، أو عنهما، قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذَا قُسِمَتِ الْأَرْضُ، وحُدَّتْ، فلا شُفْعَةَ فيها". رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (١١). ولأنَّ الشُّفْعَةَ ثَبَتَتْ في مَوْضِعِ الوِفَاقِ على خِلَافِ الأَصْلِ، لِمَعْنًى مَعْدُومٍ في مَحلِّ النِّزَاعِ، فلا تَثْبُتُ فيه، وبَيَانُ انْتِفَاءِ المَعْنَى، هو أنَّ الشَّرِيكَ ربَّما دَخَلَ عليه شَرِيكٌ، فيَتَأَذَّى به، فتَدْعُوهُ الحاجَةُ إلى مُقَاسَمَتِه أو يَطْلُبُ (١٢) الدَّاخِلُ المُقَاسَمَةَ، فيَدْخُلُ الضَّرَرُ على الشَّرِيكِ بِنَقْصِ قِيمَةِ مِلْكِه، وما يَحْتَاجُ إلى إحْدَاثِه من المَرَافِقِ، وهذا لا يُوجَدُ في المَقْسُومِ. فأمَّا حَدِيثُ أبي رَافِعٍ، فليس بِصَرِيحٍ في الشُّفْعَةِ، فإنَّ الصَّقَبَ القُرْبُ. يقال بالسِّينِ والصّادِ. قال الشاعِرُ (١٣):

كُوفِيَّةٌ نازِحٌ مَحِلَّتُها ... لا أَمَمٌ دارُها ولا صَقَبُ

فيَحْتَمِلُ أنَّه أرَادَ بإِحْسَانِ جارِه وصِلَتِه وعِيَادَتِه ونحوِ ذلك. وخَبَرُنا صَرِيحٌ صَحِيحٌ، فَيُقَدَّمُ، وبَقِيَّةُ الأحَادِيثِ في أسَانِيدِها مَقَالٌ، فحَدِيثُ سَمُرَةَ يَرْوِيهِ عنه الحَسَنُ، ولم يَسْمَعْ منه إلَّا حَدِيثَ العَقِيقَةِ. قالَه أصْحَابُ الحَدِيثِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: الثابِتُ عن رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حَدِيثُ جَابِرٍ، الذي رَوَيْناهُ، وما عَداهُ من الأحَادِيثِ فيها مَقَالٌ. على أنَّه يحتمِلُ أنَّه أرَادَ بالجارِ الشَّرِيكَ؛ فإنَّه جَارٌ أيضًا، (١٤) ويُسَمَّى كلُّ واحدٍ من الزَّوْجَيْنِ جارًا، قال الشاعِرُ:

أجَارَتَنَا بِينِى فإنَّكِ طَالِقَهْ ... كذَاكَ أُمُورُ النَّاسِ غادٍ وطَارِقَهْ


(٩) سقط من: ب.
(١٠) تقدم تخريجه في صفحة ٤٣٥.
(١١) تقدم تخريجه في صفحة ٤٣٥.
(١٢) في الأصل، م: "يطالب".
(١٣) هو ابن قيس الرقيات، والبيت في ديوانه ٢.
(١٤) من هنا إلى قوله: "الأعشى" سقط من: الأصل، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>