للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخِرَقِيِّ أنَّه لا شُفْعَةَ فيه (٤٥)؛ لأنَّه لم يَتَعَرَّضْ في جَمِيعِ مَسَائِلِه لغير البَيْعِ. وهذا قولُ أبي بكرٍ. وبه قال الحَسَنُ، والشَّعْبِيُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحَابُ الرَّأْىِ، حَكَاهُ عنهم ابنُ المُنْذِرِ، واخْتَارَهُ. وقال ابنُ حامِدٍ: تَجِبُ فيه الشُّفْعَةُ. وبه قال ابنُ شُبْرُمَةَ، والحارِثُ العُكْلِيُّ، ومالِكٌ، وابنُ أبي لَيْلَى، والشّافِعِيُّ. ثم اخْتَلَفُوا (٤٦) بِمَ يَأْخُذُه؟ فقال ابن شُبْرُمَةَ، ومالِك (٤٧)، وابنُ أبي لَيْلَى: يَأْخُذُ الشِّقْصَ بقِيمَتِه، قال القاضِى: هو قِيَاسُ قولِ ابن حامِدٍ؛ لأنَّنا لو أَوْجَبْنَا مَهْرَ المِثْلِ، لَقَوَّمْنَا البُضْعَ على الأَجَانِبِ، وأَضْرَرْنَا بالشَّفِيعِ؛ لأنَّ مَهْرَ المِثْلِ يَتَفَاوَتُ مع المُسَمَّى، لِتَسَامُحِ النَّاسِ فيه في العَادَةِ، بِخِلَافِ البَيْعِ. وقال الشَّرِيفُ أبو جعفرٍ، قال ابنُ حَامِدٍ: إن كان الشِّقْصُ صَدَاقًا، أو عِوَضًا في خُلْعٍ، أو مُتْعَةً في طَلَاقٍ، أخَذَهُ الشَّفِيعُ بمَهْرِ المَرْأَةِ. وهو قول العُكْلِيِّ، والشّافِعِيِّ؛ لأنَّه مَلَكَ الشِّقْصَ [بِبَدَلٍ ليس له مِثْلٌ، فيَجِبُ الرُّجُوعُ إلى قِيمَةِ البَدَلِ في الأَخْذِ بالشُّفْعَةِ] (٤٨)، كما لو بَاعَهُ بِعِوَضٍ، واحْتَجُّوا على أخْذِه بالشُّفْعَةِ بأنَّه عَقَارٌ مَمْلُوكٌ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ، فأَشْبَه البَيْعَ. ولَنا، أنَّه مَمْلُوكٌ بغيرِ مالٍ، أشْبَهَ المَوْهُوبَ والمَوْرُوثَ، ولأنَّه يَمْتَنِعُ (٤٩) أَخْذُه بمَهْرِ المِثْلِ؛ لما ذَكَرَهُ مالِكٌ، وبالقِيمَةِ لأنَّها ليستْ عِوَضَ الشِّقْصِ، فلا يَجُوزُ الأَخْذُ بها، كالمَوْرُوثِ، فيَتَعَذَّرُ أخْذُه، ولأنَّه ليس له عِوَضٌ يُمْكِنُ الأَخْذُ به، فأَشْبَهَ المَوْهُوبَ والمَوْرُوثَ، وفارَقَ البَيْعَ، فإنَّه أمْكَنَ الأَخْذُ بِعِوَضِه. فإن قُلْنا: إنه يُؤْخَذُ بالشُّفْعَةِ. فطلَّق الزَّوْجُ قبلَ الدُّخُولِ، بعدَ عَفْوِ الشَّفِيعِ، رَجَعَ بِنِصْفِ ما أَصْدَقَها؛ لأنَّه مَوْجُودٌ في يَدِها بِصِفَتِه، وإن طَلَّقَها بعد أخْذِ الشَّفِيعِ، رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِه؛ لأنَّ مِلْكَها زَالَ عنه، فهو كما لو بَاعَتْهُ (٤٥)، وإن طَلَّقَ قبلَ عِلْمِ الشَّفِيعِ، ثم


(٤٥) سقط من: ب.
(٤٦) في م: "اختلف".
(٤٧) سقط من: م.
(٤٨) سقط من: الأصل.
(٤٩) في الأصل: "يمنع".

<<  <  ج: ص:  >  >>