للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَلَّ الجُزْءُ أو كَثُرَ، فلو شَرَطَ لِلعْامِلِ جُزْءًا من مائةِ جُزْءٍ، وجَعَلَ جُزْءًا منها لِنَفْسِه والباقِىَ، لِلْعامِلِ، جازَ، ما لم يَفْعَلْ ذلك حِيلَةً، وكذلك إن عَقَدَه على أجْزَاء مَعْلُومَةٍ، كالخَمْسِينَ. وثَلَاثَةِ أثْمانٍ، أو سُدُسِ ونِصْفِ سُبْعٍ، ونحو ذلك، جازَ. وإن عَقَدَ على جُزْءٍ مُبْهَمٍ، كالسَّهْمِ والجُزْءِ والنَّصِيبِ والحَظِّ ونحوه، لم تَجُزْ؛ لأنَّه إذا لم يكُنْ مَعْلُومًا لم تُمْكِنِ القِسْمَةُ بينهما. ولو سَاقاهُ على آصُعٍ مَعْلُومَةٍ، أو جَعَلَ مع الجُزْءِ المَعْلُومِ آصُعًا، لم تَجُزْ؛ لأنَّه ربما لم يَحْصُلْ ذلك، أو لم يَحْصُلْ غيرُه، فيَسْتَضِرُّ رَبُّ الشَّجَرِ وربَّما (١٧) كَثُرَ الحاصِلُ فيَسْتَضِرُّ العامِلُ. وإن شَرَطَ له ثَمَرَ نَخْلاتٍ بعَيْنِهَا، لم يَجُزْ؛ لأنَّها قد لا تَحْمِلُ، فتكونُ الثَّمَرَةُ كلُّها لِرَبِّ المالِ، وقد لا تَحْمِلُ غيرُها، فتكونُ الثَّمَرةُ كلُّها لِلْعامِلِ، ولهذه العِلَّةِ نَهَى النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن المُزَارَعةِ التي يَجْعَلُ فيها لِرَبِّ الأرْضِ (١٨) مَكانًا مُعَيَّنًا، ولِلْعامِلِ مكانًا مُعَيَّنًا. قال رافِعٌ: كُنَّا نُكْرِى الأرْضَ، على أنَّ لنا هذه، ولهم هذه. فَرُبَّما أخْرَجَتْ هذه ولم تُخْرِجْ هذه، فنَهانَا عن ذلك، فأمَّا الذَّهَبُ والوَرِقُ فلم يَنْهَنَا. مُتَّفَقٌ عليه (١٩). فمتى شَرَطَ شَيْئًا (٢٠) من هذه الشُّرُوطِ الفاسِدَةِ، فسَدَتِ المُساقاةُ، والثَّمَرةُ كلُّها لِرَبِّ المالِ؛ لأنَّها نَمَاءُ مِلْكِه. ولِلْعامِلِ أجْرُ مِثْلِه، كالمُضَارَبَةِ الفاسِدَةِ. الثاني، أنَّ الشَّرْطَ للعامِلِ؛ لأنَّه إنَّما يَأْخُذُ بالشَّرْطِ، فالشَّرْطُ يُرَادُ لأَجْلِه، ورَبُّ المالِ يأْخُذُ بمالِه لا بالشَّرْطِ، فإذا قال: ساقَيْتُكَ، على أنَّ لك ثُلُثَ الثَّمَرَةِ. صَحَّ، وكان الباقِى لِرَبِّ المالِ. وإن قال: عليَّ أنَّ لي ثُلُثَ الثَّمَرةِ. فقال ابنُ حامدٍ: يَصِحُّ، والباقِى للعامِلِ. وقِيل: لا يَصِحُّ. وقد ذَكَرْنا تَعْلِيلَ ذلك في المُضَارَبَةِ. وإن اخْتَلَفا في الجُزْءِ المَشْرُوطِ لمن هو منهما، فهو للعامِلِ، لأنَّ الشَّرْطَ يُرَادُ لأَجْلِه (٢١)، كما ذَكَرْنا.


(١٧) في م: "أو ربما".
(١٨) في ب: "المال".
(١٩) تقدم تخريجه في صفحة ٥٢٨.
(٢٠) سقط من: ب.
(٢١) في الأصل: "للعامل".

<<  <  ج: ص:  >  >>