للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه شَرْطُ الواقِفِ، فكذلك النَّاظِرُ فيه. فإن جَعَلَ النَّظَرَ لِنَفْسِه جازَ، وإن جَعَلَهُ إلى غيرِه فهو له، فإن لم يَجْعَلْه لأحدٍ (٧)، أو جَعَلَهُ لإِنْسانٍ فماتَ، نَظَرَ فيه المَوْقُوفُ عليه؛ لأنَّه مِلْكُه ونَفْعُه له، فكان نَظَرُه إليه كَمِلْكِه المُطْلَقِ. ويَحْتَمِلُ أن يَنْظُرَ فيه الحاكِمُ. اخْتارَه ابنُ أبي موسى. ويَحْتَمِلُ أن يكونَ الوَجْهَانِ مَبْنِيَّيْنِ على أنَّ المِلْكَ هل يَنْتَقِلُ فيه إلى المَوْقُوفِ عليه، أو إلى اللهِ تعالى؟ فإن قُلْنا: هو لِلْمَوْقُوفِ عليه. فالنَّظَرُ فيه إليه؛ لأنَّه مِلْكُه، عَيْنُه ونَفْعُه. وإن قُلْنا: هو لِلهِ. فالحاكِمُ يَنُوبُ فيه، ويَصْرِفُه إلى مَصَارِفِه (٨)؛ لأنَّه مالُ اللهِ، فكان النَّظَرُ فيه إلى حاكِمِ المُسْلِمينَ، كالوَقْفِ على المَساكِينِ. وأما الوَقْفُ على المَساكِينِ والمسَاجِدِ ونحوِها، أو على مَنْ لا يُمْكِنُ حَصْرُهُم واسْتِيعَابُهُم، فالنَّظَرُ فيه إلى الحاكِمِ؛ لأنَّه ليس له مالِكٌ مُتَعَيّنٌ يَنْظُرُ فيه. وله أن يَسْتَنِيبَ فيه؛ لأنَّ الحاكِمَ لا يُمْكِنُه تَوَلِّى النَّظَرَ بِنَفْسِه. ومتى كان النَّظَرُ لِلْمَوْقُوفِ عليه، إمَّا بِجَعْلِ الواقِفِ ذلك له، أو لِكَوْنِه أحَقَّ بذلك عندَ عَدَمِ ناظِرٍ سِواهُ، وكان واحِدًا مُكَلَّفًا (٩) رَشِيدًا، فهو أحَقُّ بذلك، رَجُلًا كان أو امْرَأةً، عَدْلًا كان أو فاسِقًا؛ لأنَّه يَنْظُرُ لِنَفْسِه، فكان له ذلك في هذه الأحْوالِ، كالطَّلْقِ. ويَحْتَمِلُ أن يُضَمَّ إلى الفاسِقِ أمِينٌ، حِفْظًا لأصْلِ الوَقْفِ عن البَيْعِ أو التَّضْيِيعِ. وإن كان الوَقْفُ لجَماعةٍ رَشِيدِينَ، فالنَّظَرُ لِلْجَمِيعِ، لكلِّ إنْسانٍ في نَصِيبِه. وإن كان المَوْقُوفُ عليه غيرَ رَشِيدٍ، إمَّا لِصِغَرٍ، أو سَفَهٍ، أو جُنُونٍ، قام وَلِيُّه في النَّظَرِ مَقَامَه، كما يَقُومُ مَقَامَه في مالِه الطَّلْقِ (١٠). وإن كان النَّظَرُ لغير المَوْقُوفِ عليه، أو لبعضِ المَوْقُوفِ عليه، بِتَوْلِيَةِ الواقِفِ أو الحاكِمِ. لم يَجُزْ أن يكونَ إلَّا أمِينًا، فإن لم يكنْ أمِينًا، وكانت تَوْلِيَتُه من الحاكِمِ، لم تَصِحَّ. وأُزِيلَتْ يَدُه. وإن وَلَّاهُ الواقِفُ وهو فاسِقٌ، أو وَلَّاهُ وهو


(٧) في الأصل: "إلى أحد".
(٨) في الأصل: "مصارف المسلمين".
(٩) سقط من: الأصل.
(١٠) في م: "المطلق".

<<  <  ج: ص:  >  >>