للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى إنْسانٍ شيئًا لِلتَّقَرُّبِ إليه، والمَحَبَّةِ له، فهو هَدِيّةٌ. وجَمِيعُ ذلك مَنْدُوبٌ إليه، ومَحْثُوثٌ عليه (٥)؛ فإن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "تَهَادُوا تَحَابُّوا" (٦). وأمَّا الصَّدَقَةُ، فما وَرَدَ في فَضْلِها أكْثَرُ من أن يُمْكِنَنا حَصْرُه، وقد قال اللهُ تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ} (٧). إذا ثَبَتَ هذا، فإن المَكِيلَ والمَوْزُونَ لا تَلْزَمُ فيه الصَّدَقَةُ والهِبَةُ إلَّا بالقَبْضِ. وهو قولُ أكْثَر الفُقَهاءِ منهم؛ النَّخَعِىُّ، والثَّوْرِىُّ، والحَسَنُ بن صالِحٍ، وأبو حنيفةَ، والشافِعِىُّ. وقال مالِكٌ، وأبو ثَوْرٍ: يَلْزَمُ ذلك بمُجَرَّدِ العَقْدِ؛ لِعُمُومِ قوله عليه السَّلامُ: "الْعائِدُ فِي هِبَتِه، كَالْعائِدِ في قَيْئِهِ" (٨). ولأنَّه إزَالةُ مِلْكٍ بغيرِ


(٥) في م: "إليه".
(٦) أخرجه الإِمام مالك، في: باب ما جاء في المهاجرة، من كتاب حسن الخلق. الموطأ ٢/ ٩٠٨. والبيهقي، في: باب التحريض على الهبة والهدية. . ., من كتاب الهبات. السنن الكبرى ٦/ ١٦٩.
(٧) سورة البقرة ٢٧١.
(٨) تقدم تخريجه في: ٤/ ١٠٤، ويضاف إليه: وأخرجه البخاري، في: باب هل يشترى صدقته. . ., من كتاب الزكاة، وفى: باب لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته، من كتاب الهبة، وفى: باب إذا حمل على فرس فرآها تباع، من كتاب الجهاد. صحيح البخاري ٢/ ١٥٧، ٣/ ٢١٥، ٤/ ٧١. ومسلم، في: باب كراهة شراء الإِنسان ما تصدق به. . ., من كتاب الهبات. صحيح مسلم ٣/ ١٢٣٩. والترمذي، في: باب ما جاء في كراهية الرجوع في الهبة، من أبواب البيوع، وباب ما جاء في كراهية الرجوع في الهبة، من أبواب الولاء. عارضة الأحوذى ٥/ ٣٠١، ٨/ ٢٩٣. والنسائي، في: باب شراء الصدقة، من كتاب الزكاة. المجتبى ٥/ ٨٢. وابن ماجه، في: باب الرجوع في الهبة، من كتاب الهبات. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٩٧ والإِمام مالك، في: باب شراء الصدقة والعود فيها، من كتاب الزكاة. الموطأ ١/ ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>