للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بخِلَافِ، اللَّازِمَةِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإذا قال: مَنْ رَدَّ عليَّ ضَالَّتِى أو عَبْدِىَ الآبِقَ، أو خَاطَ لي هذا القَمِيصَ، أو بَنَى لي هذا الحائِطَ، فله كذا وكذا. صَحَّ، وكان عَقْدًا جائِزًا، لكلِّ واحدٍ منهما الرُّجُوعُ فيه قبلَ حُصُولِ العَمَلِ. لكنْ إن رَجَع الجاعِلُ قبلَ التَّلَبُّسِ بالعَمَلِ، فلا شىءَ عليه، وإن رَجَعَ بعدَ التَّلَبُّسِ به، فعليه لِلْعامِلِ أُجْرَةُ مِثلِه؛ لأنَّه إنَّما عَمِلَ بعِوَضٍ، فلم يُسَلَّمْ له. وإن فَسَخَ العامِلُ قبلَ إِتْمامِ العَمَلِ، فلا شىءَ له؛ لأنَّه أسْقَطَ حَقَّ نَفْسِه، حيث لم يَأْتِ بما شَرَطَ عليه العِوَضَ، ويَصِيرُ كعَامِلِ المُضَارَبةِ إذا فَسَخَ قبلَ ظُهُورِ الرِّبْحِ. ولا بُدَّ أن يكونَ العِوَضُ مَعْلُومًا. والفَرْقُ بينه وبين العَمَلِ من وَجْهَيْنِ؛ أحدهما، أنَّ الحاجَةَ تَدْعُو إلى كَوْنِ العَمَلِ مَجْهُولًا، بأن لا يَعْلَمَ مَوْضِعَ الضَّالَّةِ والآبِقِ، ولا حاجَةَ تَدْعُو (٣) إلى جَهَالةِ العِوَضِ. والثانى، أنَّ العَمَلَ لا يَصِيرُ لازِمًا، فلم يَجِبْ كَوْنُه مَعْلُومًا، والعِوَضُ يَصِيرُ لازِمًا بإتْمامِ العَمَلِ، فوَجَبَ كونُه مَعْلُومًا. ويَحْتَمِلُ أن تجوزَ الجَعالَةُ مع جَهَالةِ العِوَضِ، إذا كانت الجَهَالةُ لا تَمنَعُ التَّسْلِيمَ، نحو أن يقول: مَنْ رَدَّ عَبْدِى الآبِقَ فله نِصفُه، ومن رَدَّ ضَالَّتِى فله ثُلُثُها. فإنَّ أحمدَ قال: إذا قال الأمِيرُ في الغَزْوِ: مَنْ جاءَ بعَشْرَةِ رُءُوسٍ فله رَأْسٌ. جازَ. وقالوا: إذا جَعَلَ جُعْلًا لمن يَدُلُّه على قَلْعةٍ، أو طَرِيقٍ سَهْلٍ، وكان الجُعْلُ من مالِ الكُفَّارِ، جازَ أن يكون مَجْهُولًا، كجَارِيَةٍ يُعَيِّنُها العامِلُ. فيُخَرَّجُ ههُنا مثلُه. فأمَّا إن كانت الجَهَالَةُ تَمْنَعُ التَّسْلِيمَ، لم تَصِحَّ الجَعَالةُ، وَجْهًا واحِدًا. وإن كان العَمَلُ مَعْلُومًا، مثل أن يقول: مَنْ رَدَّ عَبْدِى من البَصْرَةِ، أو بَنَى لي هذا الحائِطَ، أو خَاطَ قَمِيصِى هذا، فله كذا. صَحَّ؛ لأنَّه إذا صَحَّ مع الجَهَالَةِ فمع العِلْمِ أَوْلَى. وإن عَلَّقَه بمُدَّةٍ مَعْلُومةٍ، فقال: مَنْ رَدَّ لي (٤) عَبْدِى من العِرَاقِ في (٥) شَهْرٍ، فله دِينَارٌ. أو من خَاطَ قَمِيصِى هذا في اليومِ، فله دِرْهَمٌ. صَحَّ؛ لأنَّ المُدَّةَ إذا جازَتْ مَجْهُولةً، فمع


(٣) سقط من: م.
(٤) سقط من: الأصل.
(٥) في م: "إلى".

<<  <  ج: ص:  >  >>