للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكَسْبِ، فهو لِلْوَرَثةِ. وعلى الوَجْهِ الآخَرِ، يكونُ لِلْمُوصَى له. ولو أوْصَى بأمَةٍ لِزَوْجِها، فأوْلَدَها بعد مَوْتِ المُوصِى، وقبلَ القَبُولِ (١٤)، فوَلَدُه رَقِيقٌ للوارِثِ. وعلى الوَجْهِ الآخَر، يكونُ حُرَّ الأَصْلِ، ولا وَلَاءَ عليه، وأُمُّه أُمُّ وَلَدٍ؛ لأنَّها عَلِقَتْ منه بِحُرٍّ في مِلْكِه. وإن ماتَ المُوصَى له قبلَ القَبُولِ والرَّدِّ، فلِوَارِثِه قَبُولُها، فإن قَبِلَها، مَلَكَ الجارِيَةَ ووَلَدَها، وإن كان ممَّن يَعْتِقُ الوَلَدُ عليه عَتَقَ، ولم يَرِثْ من ابْنِه شَيْئًا. وعلى الوَجْهِ الآخَر، تكونُ الجارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ، ويَرِثُ الوَلَدُ أباه، فإن كان يَحْجُبُ الوارِثَ القابِلَ حَجَبَه. وقال أكْثَرُ أصْحابِ الشافِعِىِّ: لا يَرِثُ الوَلَدُ ههُنا شَيْئًا؛ لأنَّ تَوْرِيثَه يَمْنَعُ قولَ القابِلِ وارِثًا، فيَبْطُلُ قَبُولُه، فيُفْضِى إلى الدَّوْرِ، وإلى إبْطالِ مِيرَاثِه، فأشْبَهَ ما لو أقَرَّ الوارِثُ بمَن يَحْجُبُه عن المِيرَاثِ. وقد ذَكَرْنا في الإِقْرارِ ما يَدْفَعُ هذا، وأنَّ المُقرَّ به يَرِثُ، فكذا ههُنا. ويُعْتَبَرُ قَبُولُ مَنْ هو وارِثٌ في حالِ اعْتِبارِ القَبُولِ، كما يُعْتَبَرُ في الإِقْرارِ إقْرَارُ مَنْ هو وارِثٌ حالَ الإِقْرارِ. واللهُ أعلمُ. ومن ذلك، لو أَوْصَى لِرَجُلٍ بأَبِيه، فماتَ المُوصَى له قبلَ القَبولِ، فقَبِلَ ابْنُه، صَحَّ، وعَتَقَ عليه الجَدُّ، ولم يَرِثْ من ابْنِه شَيْئًا؛ لأنَّ حُرِّيَّتَه إنما حَدَثَتْ حين القَبُولِ بعدَ أن صارَ المِيراثُ لغيرِه. وعلى الوَجْهِ الآخَر، تَثْبُتُ حُرِّيَّتُه من حينِ مَوْتِ المُوصِى، فيَرِثُ من ابْنِه السُّدُسَ. وقال بعضُ أصْحابِ الشافِعِىِّ: لا يَرِثُ أيضًا؛ لأنَّه لو وَرِثَ لَاعْتُبِرَ قَبُولُه، ولا يجوزُ اعْتِبارُ قَبُولِه قبلَ الحُكْمِ بِحُرِّيَّتِه، وإذا لم يَجُزِ اعْتِبارُه، لم يَعْتِقْ، فيُؤَدِّى تَورِيثُه إلى إبْطالِ تَوْرِيثِه. وهذا فاسِدٌ؛ فإنَّه لو أقَرَّ جَمِيعُ الوَرَثةِ بمُشَارِكٍ لهم في المِيرَاثِ، ثَبَتَ نَسَبُه ووَرِثَ، مع أنَّه يَخْرُجُ المُقِرُّونَ به عن كَوْنِهم جَميعَ الوَرَثةِ. ومن ذلك، أنَّه لو ماتَ المُوصَى له، فقَبِلَ وارِثُه، لَثَبَتَ المِلْكُ للوارِثِ القابِلِ ابْتِداءً من جِهَةِ المُوصِى، لا من جِهَةِ مَوْرُرثِه، ولم يَثْبُتْ لِلْمُوصَى له شيءٌ، فحينئذٍ لا تُقْضَى دُيُونُه، ولا تَنْفُذُ وَصَاياهُ، ولا يَعْتِقُ مَن يَعْتِقُ عليه، وإن كان فيهم مَن يَعْتِقُ على الوارِثِ، عَتَقَ عليه، وكان وَلَاؤُه له دُونَ المُوصَى له. وعلى الوَجْهِ الآخَر، يَتَبَيَّنُ أنَّ المِلْكَ كان ثابِتًا


(١٤) في الأصل، أ: "قبولها".

<<  <  ج: ص:  >  >>