للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوارِثِ قبلَ الوَصيَّةِ من أصْلِ المالِ. فلو أَوْصَى بمثلِ نَصِيبِ ابْنِه، وله ابْنٌ واحدٌ، فالوَصِيَّةُ بجَمِيعِ المالِ. وإن كان له ابْنانِ، فالوَصِيّةُ بالنِّصْفِ. وإن كانوا ثَلَاثَةً، [فالوَصِيّةُ بالثُّلُثِ] (١). وقال مالِكٌ: إن كانوا يَتَفاضَلُونَ، نُظِرَ إلى [عَدَدِ رُءُوسِهم] (٢)، فأُعْطِىَ سَهْمًا من عَدَدِهِم؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ اعْتِبارُ أنْصِبَائِهِم لِتَفَاضُلِهِم، فاعْتُبِرَ عَدَدُ رُءُوسِهم. ولَنا، أنَّه جَعَلَ وارِثَه أصْلًا وقاعِدَةً، حَمَلَ عليه نَصِيبَ المُوصَى له، وجَعَلَه مثلًا له. وهذا يَقْتَضِى أن لا يُزَادَ أحَدُهُما على صاحِبِه. ومتى أُعْطِىَ من أصْلِ المالِ، فما أُعْطِىَ مثلَ نَصِيبِه، ولا حَصَلَتْ (٣) التَّسْوِيةُ، والعِبارَةُ تَقْتَضِى التَّسْوِيَةَ. وإنَّما جَعَلَ له (٤) مثلَ أقَلِّهِم نَصِيبًا؛ لأنَّه اليَقِينُ، وما زادَ فمَشْكُوكٌ فيه، فلا يَثْبُتُ مع الشّكِّ، وقوله: "يُعْطى سَهْمًا من عَدَدِهِم". خِلَافُ ما يَقْتَضِيه لَفْظُ المُوصِى؛ فإنَّ هذا ليس بِنَصِيبٍ لأحدِ وَرَثَتِه، ولَفْظُه إنَّما اقْتَضَى نَصِيبَ أحَدِهِم، وتَفَاضُلُهُم لا يَمْنَعُ كَوْنَ نَصِيبِ الأقَلِّ نَصِيبَ أحَدِهِم، فيَصْرِفُه إلى الوَصِىِّ، لقولِ المُوصِى، وعَمَلًا بمُقْتَضَى وَصِيّتِه. وذلك أَوْلَى من اخْتِرَاعِ شيءٍ لا يَقْتَضِيه قولُ المُوصِى أَصْلًا. وقوله: تَعَذَّرَ العَمَلُ بقولِ المُوصِى. غيرُ صَحِيحٍ؛ فإنَّه أمْكَنَ العَمَلُ به بما قُلْناه، ثم لو تَعَذَّرَ العَمَلُ به، لَما جازَ أن يُوجِبَ في مالِه (٥) حَقًّا لم يَأْذَنْ فيه ولم يَأْمُرْ به. وقد مَثَّلَ الخِرَقِىُّ في هذه المَسْأَلةِ بما أغْنَى عن تَمْثِيلِها. ولو قال: أَوْصَيْتُ بمِثْلِ نَصِيبِ أقَلِّهِم مِيرَاثًا. كان كما لو أطْلَقَ، وكان ذلك تَأْكِيدًا. وإن قال: أوْصَيْتُ بمثلِ نَصِيبِ أكْثَرِهِم مِيرَاثا. فله ذلك، مُضَافًا إلى المَسْألةِ، فيكونُ له في مَسْأَلةِ الخِرَقِىِّ ثمانِيَةٌ وعِشْرُونَ، تُضَمُّ إلى الفَرِيضَةِ، فيكونُ الجَمِيعُ سِتِّينَ سَهْمًا.


(١) في الأصل، أ: "فله الثلث".
(٢) في م: "عددهم".
(٣) في م زيادة: "له".
(٤) في الأصل: "لهم".
(٥) في م: "مال".

<<  <  ج: ص:  >  >>