للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في ذلك؛ لأنَّ الاسْمَ يَشْمَلُ الجَمِيعَ. قال اللهُ تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} (١). وقال تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ} (٢). نَفَى (٣) الذَّكَرَ والأُنْثَى جَمِيعًا، وإن قال: لِبَنِيَّ، أو بَنِى فُلَانٍ. فهو لِلذُّكُورِ دون الإِنَاثِ والخَنَاثَى. هذا قول الجُمُهُورِ. وبه قال الشافِعِيُّ، وأصْحابُ الرَّأْى. وقال الحَسَنُ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ: هو لِلذَّكرِ والأُنْثى جَمِيعًا؛ لأنَّه لو أَوْصَى لِبَنِى فُلانٍ وهم قَبِيلَةٌ، دَخَلَ فيه الذَّكَرُ والأُنْثَى. وقال الثَّوْرِيُّ: إن كانوا ذُكُورًا وإنَاثًا، فهو بينهم، وإن كُنَ بَنَاتٍ لا ذَكَرَ مَعَهُنَّ، فلا شىءَ لهنَّ؛ لأنَّه متى اجْتَمَعَ الذُّكُورُ والإِنَاثُ غَلَبَ لَفْظُ التَّذْكِيرِ، ودَخَلَ فيه الإِنَاثُ، كلَفْظِ المُسْلِمينَ والمُشْرِكِينَ. ولَنا، أنَّ لَفْظَ البَنِينَ يَخْتَصُّ الذُّكُورَ، قال اللَّه تعالى: {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ} (٤). وقال تعالى: {أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ} (٥). وقال: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ} (٦). وقال: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (٧). وقد أخْبَرَ أَنَّهم لا يَشْتَهُونَ البَنَاتِ. فقال: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (٥٧) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى} (٨). الآية. وإنَّما دَخَلُوا في الاسْمِ إذا صارُوا قَبِيلةً؛ لأنَّ الاسْمَ نُقِلَ فيهم عن الحَقِيقةِ إلى العُرْفِ، ولهذا تقول المرْأةُ: أنا من بَنِى فُلَانٍ. إذا انْتَسَبَتْ إلى القَبِيلَةِ، ولا تقول ذلك إذا انْتَسَبَتْ إلى أَبِيها.


(١) سورة النساء ١١.
(٢) سورة المؤمنون ٩١.
(٣) في أ، م: "في".
(٤) سورة الصافات ١٥٣.
(٥) سورة الزخرف ١٦.
(٦) سورة آل عمران ١٤.
(٧) سورة الكهف ٤٦.
(٨) سورة النحل ٥٧، ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>