للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَعْطَى ثلاثَ جَدَّاتٍ (٤). ومِنْ ضَرُورتِه أن يكونَ فيهنَّ أُمُّ أُمِّ الأبِ، أو مَنْ هي أعْلَى منها. وما ذكره داودُ فهو قياسٌ، وهو لا يقولُ بالْقياسِ، ثم هو باطلٌ بأمِّ الْأُمِّ، فإنَّها تَرِثُهُ ولا يَرِثُهَا. وقوله: ليستْ مذكورةً في الخبرِ. قُلْنا: وكذلك أُمُّ أُمِّ الأُمِّ. واخْتَلَفُوا في تَوْرِيثِ ما زادَ عليهما؛ فذهَب أبو عبد اللَّه إلى تَوْريثِ ثلاثِ جَدَّاتٍ، مِن غيرِ زيادةٍ عليهنَّ. ورُوِىَ ذلك عن علىّ، وزَيْدِ بن ثابتٍ، وابنِ مَسْعودٍ، رَضِىَ اللهُ عنهم. ورُوِىَ نحوُه عن مَسْروقٍ، والحسنِ، وقتادةَ. وبه قال الأَوْزَاعِىُّ، وإسحاقُ. وَرُوِىَ عن سَعْدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ ما يَدُلُّ على أنَّه لا يُوَرَّثُ أَكْثَرُ مِنْ جَدَّتين. وحُكِىَ ذلِكَ عن أبي بكرٍ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ الحارِثِ بن هِشَام، وسليمانَ بنِ يَسارٍ، وطَلْحةَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عَوْفٍ، وربيعةَ، وابنِ هُرْمُزٍ، ومالكٍ، وابنِ أبي ذِئْبٍ، وأَبى ثَوْرٍ، وداودَ، وقالَه الشافِعىُّ فِي القَدِيمِ، وحُكِىَ عَنْ الزُّهْرِىِّ أنَّه قال: لا نَعْلمُ وَرِثَ في الإِسلامِ إلَّا جَدَّتَيْن. وحُكِىَ عن سَعْدِ بنِ أبي وقَّاصٍ، أنَّه أَوْتَرَ بِرَكْعةٍ، فَعَابَهُ ابنُ مَسْعُودٍ، فَقَال سَعْدٌ: أَتَعِيبُنِى وأَنْتَ تُوَرِّثُ ثَلاثَ جَدَّاتٍ؟ ورُوِىَ عن ابنِ عَبَّاسٍ، أنَّه وَرَّثَ الْجَدَّاتِ وإِنْ كَثُرْنَ، إذا كُنَّ في دَرَجةٍ واحِدَةٍ، إِلَّا مَنْ أَدْلَتْ بِأَبٍ غَيْرِ وَارثٍ، كَأُمِّ أَبِ الأُمِّ. قال ابنُ سُرَاقةَ: وبهذا قَال عَامَّةُ الصحابةِ إِلَّا شَاذًّا. وإليهِ ذَهَبَ الحسنُ، وابنُ سِيرِينَ، والثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ، وأصحابُه، وهو روايةُ الْمُزَنِىِّ عَن الشافعىِّ، رَضِىَ اللَّه عنه، وهو ظاهِرُ كَلام الْخِرَقِىِّ، فإنَّهُ سَمَّى ثَلاثَ جَدَّاتٍ مُتَحَاذِيَاتٍ. ثم قال: "وإنْ كَثُرنَ فعلى ذلك". واحْتَجُّوا بأنَّ الزائِدَةَ جَدَّةٌ أَدْلَتْ بوارثٍ فوَجَبَ أَنْ تَرِثَ، كإحْدَى (٥) الثَّلاثِ. ولَنا، ما رَوَى سَعيدٌ (٦)، عن ابنِ عُيَيْنَةَ، عن منصورٍ، عن إبِراهيمَ، أَنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَرَّثَ ثَلاثَ


(٤) أخرجه الدارمي، في: باب في الجدات، من كتاب الفرائض. سنن الدارمي ٢/ ٣٥٨. والبيهقي، في: باب توريث ثلاث جدات. . ., من كتاب الفرائض. السنن الكبرى ٦/ ٢٣٦. والدارقطني، في: كتاب الفرائض. سنن الدارقطني ٤/ ٩١.
(٥) في الأصل، م: "كأحد".
(٦) في: باب الجدات. سنن سعيد بن منصور ١/ ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>