للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبعةَ عشرَ يومًا (١). وللشَّافِعِىِّ قَوْلان، كالرِّوايَتَيْن في أقَلِّه وأكْثَرِه. وقال إسحاقُ بنُ رَاهُويَه: قال عطاء: الحَيْضُ يَوْمٌ واحدٌ. وقال سعيدُ بنُ جُبَيْر: أكثرُه ثلاثةَ عشرَ يومًا. وقال الثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفة، وصاحِباه: أقلُّهُ ثلاثةُ أيَّامٍ، وأكْثَرُهُ عشرة؛ لِمَا رَوَى وَاثِلَةُ بنُ الأَسْقَعِ، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أقَلُّ الحَيْضِ ثَلَاثَةُ أيَّامٍ، وأكْثَرُه عَشَرَةٌ (٢) ". وقال أَنَسٌ: قُرْءُ المَرْأةِ: ثلاث، أرْبَع، خَمْس، سِتّ، سَبْع، ثمان، تِسْع، عشر (٣). ولا يقولُ أنَسٌ ذلك إلَّا تَوْقِيفًا، وقال مالِكُ بنُ أنَسٍ: ليس لأقَلِّهِ حَدٌّ، يَجُوزُ أنْ يكُونَ سَاعَةً؛ لأنَّهُ لو كان لأقَلِّه حَدٌّ، لَكَانَتِ المَرْأةُ لا تَدَعُ الصَّلَاةَ حَتَّى يَمْضِىَ ذلك الحَدُّ. ولَنا، أنَّهُ وَرَدَ في الشَّرْعِ مُطْلَقًا مِنْ غيرِ تَحْدِيدٍ، ولا حَدَّ له في اللُّغَةِ، ولا في الشَّريعة، فيجِبُ الرُّجُوعُ فيه إلى العُرْفِ والعادَة، كما في القَبْضِ، والإِحْرَازِ، والتَّفَرُّقِ، وأشباهِها، وقد وُجِد حَيْضٌ مُعْتادٌ يومًا، قال عطاء: رأيتُ مِن النِّساءِ مَنْ تَحِيضُ يوْمًا، وتَحِيضُ خمسةَ عشرَ. وقال أحمدُ: حدَّثنى يحيى بنُ آدمَ، قال: سَمِعْتُ شَرِيكًا يقولُ: عندنا امْرَأَةٌ تَحِيضُ كُلَّ شَهْرٍ خمسةَ عشرَ يَوْمًا حَيْضًا مُسْتَقِيمًا. وقال ابنُ المُنْذِر: قال الأوْزَاعِىُّ: عندنا امْرَأَةٌ تَحِيضُ غُدْوَةً وتَطْهُرُ عَشِيًّا. يَرَوْنَ أنَّه حَيْضٌ تَدَعُ له الصَّلاةَ. وقال الشَّافِعِىُّ: رأيتُ امْرَأَةً أُثْبِتَ لي عنها أنَّها لم تَزَلْ تَحِيضُ يَوْمًا لا تَزِيدُ عليه، وأُثْبِتَ لي عَن نِسَاءٍ أنَّهُنَّ لم يَزَلْنَ يَحِضْنَ أقَلَّ مِن ثَلاثةِ أيَّامٍ. وذكر إسحاقُ بنُ رَاهُويَه، عن بكرِ بنِ عبدِ اللهِ المُزَنِىِّ، أنَّه قال: تَحِيضُ امْرَأَتِى يَوْمَيْنِ. قال إسحاق: وقالتْ امْرَأَةٌ مِن أَهْلِنا معْرُوفَةٌ: لم أُفْطِرْ مُنْذُ عشرِين سنةً في شهرِ رمضانَ إلَّا يَوْمَيْن. وقَوْلُهُنَّ يَجِبُ الرُّجُوعُ إليه؛ لقولِه تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} (٤) فلولا أنَّ قَوْلَهُنَّ مَقْبُولٌ لَما (٥) حَرَّمَ عليهنَّ الكِتْمانَ، وجَرَى ذلك مَجْرَى قولِه: {وَلَا


(١) سقط من: الأصل.
(٢) أخرجه الدارقطني، في: كتاب الحيض. سنن الدارقطني ١/ ٢١٩.
(٣) في م: "عشرة". وانظر: سنن الدارقطني ١/ ٢٠٩.
(٤) سورة البقرة ٢٢٨.
(٥) في م: "ما".

<<  <  ج: ص:  >  >>