للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسْتَحِقُّ المُقَرُّ به من الميراثِ، إذا لم يثبتْ نَسَبُه، فنقول: إذا أقَرّ بعضُ الورثةِ بمُشارِكٍ (١) فى الميراثِ، فلم يَثْبُتْ نَسَبُه، لَزِمَ المُقِرَّ أنْ يَدْفَعَ إليه فَضْلَ ما فى يده عن ميراثِه. وهذا قولُ مالكٍ، والأوْزَاعىِّ، والثَّوْرِىِّ، وابنِ أبى لَيْلى، والحسَنِ بنِ صالحٍ، وشَرِيكٍ، ويحيى بن آدمَ، ووَكِيعٍ، وإسحاقَ، وأبى عُبَيْدٍ، وأبى ثَوْرٍ، وأهْلِ البَصْرةِ. وقال النَّخَعىُّ، وحَمَّاد، وأبو حنيفةَ، وأصحابُه: يُقاسِمُه ما فى يدِه؛ لأنَّه يقول: أنا وأنت سَواءٌ فى مِيرَاثِ أبِينا، وكأنَّ ما أخذه المُنْكِرُ تَلِفَ، أو أخَذتْه يدٌ عاديةٌ، فيسْتَوِى فيما بَقِىَ. وقال الشَّافعىُّ، رضى اللَّه عنه، وداودُ: لا يلزمُه فى الظَّاهرِ دفعُ شىءٍ إليه، وهل يلزمُه فيما بينَه وبين اللَّهِ تعالى؟ على قَوْلَيْنِ: أصَحُّهما لا يَلْزَمُه؛ لأنَّه لا يَرِثُ مَنْ لا يثْبُت نَسَبُه. وعلى القولِ (٢) الذى يَلزَمُه دَفْعُ شىءٍ إليه، ففى قَدْرِه وَجْهَان، كالمذْهبينِ المُتقدِّمَيْنِ. ولَنا، على الشّافعىِّ، أنَّه أقرَّ بحَقٍّ لمُدَّعِيه، يُمْكِنُ صِدْقُه فيه، ويَدُ المُقِرّ عليه، وهو مُتَمكِّن منْ دَفْعِه إليه، [فيلزمُه (٣) ذلك، كما] (٤) لو أقرّ بمُعَيَّنٍ، ولأنَّه إذا عَلِمَ أَنَّ هذا أخوه، وله (٥) ثُلُثُ التَّركِةِ، ويتعيَّنُ اسْتِحْقاقُه لها، وفى يدِه بَعْضُه وصاحبُه يطلُبه، لَزِمَه (٦) دَفْعُه إليه، وحَرُمَ عليه منعُه منه، كما فى سائِر المواضِعِ، وعَدَمُ ثبوتِ نسبِه فى الظَّاهرِ، لا يَمْنَعُ وُجوبَ دفْعِه إليه، كما لو غَصَبَه شيئًا، ولم تَقُم البَيِّنةُ بغَصْبه. ولَنا، على أبى حنيفةَ، أنَّه أقرَّ له بالفاضِلِ عن ميراثِه، فلم يَلْزَمْه أكثَرُ ممَّا أقَرَّ به، كما لو أقَرَّ له بشىءٍ مُعَيَّنٍ، ولأنَّه حَقٌّ يتعلَّقُ بمحلٍّ مُشْتَرَكٍ بإقْرارِ أحدِ الشَّرِيكَيْنِ، فلم يَلْزَمْه أكثرُ من قِسْطِه، كما لو أقرَّ أحَدُ الشَّرِيكَيْنِ على العَبْدِ بجنايةٍ، فعلى هذا، إذا خَلَّفَ ابْنينِ، فأقَرَّ


(١) فى أ، م: "لمشارك".
(٢) فى م: "قول".
(٣) فى الأصل: "فلزمه".
(٤) سقط من: أ.
(٥) فى م: "فله".
(٦) فى أ، م: "فلزمه".

<<  <  ج: ص:  >  >>