للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطَّلاقُ فى المرضِ الْمَخُوفِ، ثم مات من مَرَضِه ذلك فى عِدَّتِها، وَرِثَتْه ولم يَرِثْها إن ماتت. يُرْوَى هذا عن عمرَ، وعثمانَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما. وبه قال عُرْوةُ، وشُرَيْحٌ، والحَسَنُ، والشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، والثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ فى أهل العراقِ، ومالكٌ فى أهلِ المدينةِ، وابنُ أبى ليلَى. وهو قولُ الشافِعىِّ فى القَدِيم. ورُوِىَ عن [عُتْبةَ بن] (٥٤) عبدِ اللَّه ابن الزُّبَيرِ: لا تَرِثُ مَبْتُوتة. ورُوِىَ ذلك عن علىٍّ، وعبدِ الرحمن بن عَوْفٍ. وهو (٥٥) قولُ الشافِعىِّ الجديدُ؛ لأنَّها بائِنٌ، فلا تَرِثُ، كالبائنِ فى الصِّحَّةِ، أو كما لو كان الطَّلاقُ باخْتِيارها، ولأنَّ أسبابَ المِيراثِ مَحْصُورةٌ فى رَحِمٍ ونكاحٍ ووَلاءٍ، وليس لها شىءٌ من هذه الأسْباب. ولَنا، أَنَّ عثمانَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، وَرَّثَ تُماضِرَ بنتَ الأصْبَغِ الكَلْبِيَّةَ من عبدِ الرحمنِ بن عَوْفٍ، وكان طَلَّقها فى مرضِه فبَتَّها (٥٦). واشْتَهر ذلك فى الصحابةِ فلم يُنْكَرْ، فكان إجماعًا. ولم يَثْبُتْ عن علِىٍّ ولا عبدِ الرحمنِ خلافٌ فى هذا، بل قد رَوَى عُرْوةُ عن عثمانَ أنَّه قال لعبدِ الرحمنِ: لئِن مِتَّ لأُوَرِّثَنْها منك. قال: قد عَلِمتُ ذلك. وما رُوِىَ عن ابنِ الزُّبَيْرِ إن صَحَّ (٥٧)، فهو مَسْبوقٌ بالإِجْماعِ. ولأنَّ هذا قَصَدَ قَصْدًا فاسدًا فى الميراثِ، فعُورِضَ بنَقِيض قَصْدِه، كالقاتِلِ القاصِدِ اسْتِعجالَ الميراثِ يُعاقَبُ بحِرْمانِه. إذا ثَبَتَ هذا، فالمشْهورُ عن أحمدَ أنَّها تَرِثُه فى العِدَّةِ وبَعْدَها ما لم تتزوجْ. قال أبو بكرٍ: لا يخْتَلِفُ قولُ أبى عبدِ اللَّه فى المَدْخولِ بها، إذا طَلَّقها المريضُ، أنَّها تَرِثُه فى العِدَّة، وبعدَها (٥٨) ما لم تتزَوَّجْ. رُوِى ذلك عن الحسنِ. وهو قولُ الْبَتِّىِّ، وحُمَيدٍ، وابنِ أبى لَيْلَى، وبعضِ البَصْريِّين، وأصْحابِ الحَسَنِ، ومالكٍ فى أفل


(٥٤) سقط من: الأصل.
(٥٥) فى أ: "وهذا".
(٥٦) أخرجه البيهقى، فى: باب ما جاء فى توريث المبتوته فى مرض الموت، من كتاب الخلع والطلاق. السنن الكبرى ٧/ ٣٦٢، ٣٦٣. والشافعى، انظر: كتاب الفرائض. من ترتيب المسند ٢/ ١٩٣.
(٥٧) فى م زيادة: "فى".
(٥٨) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>