للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَلَاقَها. فقال ابنُ عباسٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: إن كنتَ نَوَيْتَ واحدةً منهنَّ بعَيْنها ثم أُنْسِيتَها، فقد اشْتَركْنَ فى الطَّلاقِ، وإن لم تكنْ نَوَيْتَ واحدةً بعَيْنِها، فطَلِّقْ أَيَّتَهُنَّ شِئْتَ. وقال الشافعىُّ، وأهْلُ العراقِ: يُرْجَعُ إلى تَعْيِينه فى المسائلِ كُلِّها. فإن وَطِئ إحداهُنَّ كان تَعْيِينًا لها بالنِّكاحِ، فى قول أهلِ العراقِ، وبعضِ أصحابِ الشافِعىِّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. وقال الشافعىُّ: لا يكونُ تَعْيِينًا. فإن مات قبلَ أن يُبَيِّنَ، فالميراثُ بينهنَّ كُلِّهنَّ، فى قول أهلِ العراقِ. وقال مالكٌ: يَطْلُقنَ كُلُّهُنَّ، ولا ميراثَ لَهُنَّ. وقال الشافعىُّ: يُوقَفُ مِيراثُهُنّ، وإن كان الطَّلاقُ قبل الدُّخولَ دَفَعَ إلى كل واحدةٍ نِصْفَ مَهْرٍ، ووَقَفَ الباقىَ فى مُهُورِهِنّ. وقال داودُ: يَبْطُلُ حُكْمُ طَلاقهِنَّ؛ لمَوْضِعِ الجَهالةِ، ولكل واحدةٍ مَهْرٌ كاملٌ، والميراثُ بَيْنَهُنَّ. وإن متْنَ قبلَه، طَلُقَتِ الآخِرَةُ، فى قولِ أهلِ العراقِ. وقال الشافعىُّ: يُرْجَعُ إلى تَعْيِينه، على ما ذكَرْناه. ولَنا، قولُ علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، ولا يُعارِضُه قولُ ابن عباسٍ؛ لأنَّ ابنَ عباسٍ يَعْتَرِفُ لعلِىٍّ بتَقْديمِ قولِه، فإنَّه قال: إذا ثَبَتَ لنا عن علىٍّ قولٌ، لم نَعْدُه إلى غيرِه. وقال: ما عِلْمِى إلى عِلْمِ علِىٍّ، إلَّا كالقَرَارةِ إلى المُثْعَنْجَرِ (٧٧). ولأنَّه إزالةُ مِلْكٍ عن الآدَمِىٍّ، فتُسْتَعْمَلُ فيه القُرْعةُ عندَ الاشْتِباه، كالعِتْقِ. وقد ثبَتَ (٧٨) ذلك فى العِتْقِ بخَبَرِ عِمْرانَ بن الحُصَيْنِ (٧٩). ولأنَّ الحُقوقَ تَساوتْ على وجهٍ تَعَذّرَ تَعْيِينُ المُسْتَحِقِّ فيه من غير قُرْعةٍ، فيَنْبَغِى أن تُسْتَعْملَ فيه القُرْعةُ، كالقِسْمةِ والسَّفَرِ (٨٠) بين النِّساءِ، فأمَّا قَسْمُ الميراثِ بين الجميعِ، ففيه دَفْعٌ إلى إحْداهُنَّ مالا تَسْتَحِقُّه، وتَنْقِيصُ بَعْضِهِنَّ حَقَّها يقينًا، والوَقْفُ إلى غير غايةٍ تَضْييعٌ لحُقُوقِهنَّ، وحِرْمانُ الجميعِ مَنْعُ الحَقِّ عن صاحِبه يَقِينًا. ولو كان له امْرأتانِ، فطَلَّقَ إحْدَاهُما، ثم ماتَت إحداهما، ثم مات، أُقْرِعَ بينهما، فَمن


(٧٧) المثعنجر: وسط البحر.
(٧٨) فى م: "بينت".
(٧٩) تقدم تخريجه فى: ٨/ ٣٩٥.
(٨٠) فى م: "فى السفر".

<<  <  ج: ص:  >  >>